نادي المتضاربين

TT

السياسة خيانة. قد لا تكون هكذا في حالات نادرة ومراحل نادرة من التاريخ، لكنها في الغالب خيانات متبادلة وكذب معلن، وسوف يباع فيها كل شيء. من النفوس إلى ما هو أكثر حسية منها. لا حاجة إلى النماذج. التاريخ محشو بها.

غير أنني أطالع كتابا حديثا عنوانه «نادي الرؤساء»، الأميركيين طبعا. وفيه وثائق عن كيف كان دوايت أيزنهاور يكره هاري ترومان، (والعكس). وكيف كان جون كيندي يحتقر ليندون جونسون، وكيف كان الأخير يكره كيندي. وكيف كان ليندون جونسون يكره ريتشارد نيكسون وريتشارد نيكسون يكره جونسون ورونالد ريغان وجيمي كارتر، وكيف كان الجميع يتهربون منه. وكيف كان جورج بوش الأب يكره جيمي كارتر وجيرالد فورد، وكيف يكرهان بعضهما البعض ثم تصالحا وهما عائدان من جنازة أنور السادات وقررا أن يكرها جميع الرؤساء السابقين.

عندما فاز بيل كلينتون بالرئاسة كان لا يزال هناك خمسة رؤساء سابقين على قيد الحياة. دعاهم جميعا إلى إفطار في البيت الأبيض، وهو حدث لا سابقة له ولا لاحقة. وكان الرئيس الجديد يضحك في سره لكثرة ما رأى من علامات الكره على الوجوه. في حرب كوريا وفي حرب فيتنام وضع الرؤساء والمرشحون مصير أميركا في خطر من أجل الحملة الانتخابية. جونسون أراد وقف القصف في فيتنام لكي يكسب نائبه هيوبرت همفري المعركة والمرشح نيكسون تفاوض مع الفيتناميين الجنوبيين على إطالة الحرب لكي لا يقطف جونسون ثمار السلام بل هو.

يبدو كتاب «نادي الرؤساء» مثل مجموعة من الدعابات والخرافات، لكنه مجموعة من الوثائق وسجلات البيت الأبيض. كان الرئيس المقيم والمرشح المعارض يزرعان الجواسيس في مكاتب بعضهما البعض. هنري كسينجر، كما هو غير مفاجئ، عمل لأكثر من عام في مكتب جونسون ومكتب نيكسون في وقت واحد. وكان يقول عن نيكسون، إنه «لا يصلح لأن يكون رئيسا»، وإنه «كارثة»، وإنه «أخطر المرشحين»، ومن ثم أصبح مستشاره لشؤون الأمن القومي ووزير خارجيته.

لم تكن كلها علاقات عاصفة. طالما علا صوت كارتر وكلينتون في جدل حول الحروب الخارجية. لكن قبيل نهاية ولايته الأخيرة قرر أن يمنح راعيه الديمقراطي أعلى وسام في الدولة «وشاح الحرية». وبدلا من أن يجري الاحتفال في الجناح الشرقي من البيت الأبيض، كما هي العادة، قرر أن يطير إلى أتلانتا لتقديم الوسام هناك.

ألقى خطابا قال فيه «القول إن كارتر هو أعظم رئيس سابق في التاريخ لا يفيه حقه ولا أعماله الحسنة». اهتزت مشاعر الرئيس الذي كان يعلو صوته، ورد قائلا «ما زالت أمامك بضعة أشهر قبل أن تنضم إلى نادي الرؤساء السابقين الصغير. تخيل الآن، السيد الرئيس، أنه سوف يكون في إمكانك بعد ذلك أن تلعب الغولف من دون أن تكون الكاميرات مسلطة على الكرة. لكن علي أن أحذرك أيضا. فاللاعبون المنافسون لا يسايرون الرؤساء السابقين مثل الرؤساء الحاكمين».