اللاجئ السوري يناديكم

TT

هناك ثمن فادح دفعته سوريا بسبب الحرب الأهلية الدائرة الآن، هذا الثمن أكبر من التدهور الاقتصادي، أو استنزاف القدرات العسكرية، وأضخم من تشويه صورة النظام والبلاد في عيون المجتمع الدولي. هذا الثمن هو الثمن الإنساني ذو الفاتورة عالية الكلفة التي لا يمكن تحديد الحد الأعلى لخسائرها.

حتى تاريخ كتابة هذه السطور، فإن تقارير الهيئات الدولية تتحدث عن 150 ألف سوري تحولوا من مواطنين دائمي الإقامة داخل منازلهم في وطنهم إلى لاجئين في مخيمات بتركيا والأردن وكردستان ولبنان. يعيشون في خيام بلا خدمات ولا وظائف ولا روابط اجتماعية أو إنسانية. وتتحدث هذه التقارير عن تحول نحو مليون ونصف مليون مواطن إلى مهاجرين محليين تم تهجيرهم أو اضطروا إلى الهجرة إلى مناطق أقل خطرا أو أكثر أمنا. هؤلاء انتقلوا من منازل آبائهم وأجدادهم إلى معسكرات مؤهلة مجهزة، أو نصبوا خياما في المزارع أو الصحراء يعيشون فيها على الكفاف أو المساعدات الإنسانية. وبعض هؤلاء استضافهم أهل الخير من الشعب السوري الكريم ويعرفون بمهاجري الإيواء لدى أسر.

ملف اللاجئين داخل وخارج سوريا هو ملف تزداد حدته يوميا، وتزداد كلفته الباهظة مع كل عملية إجرامية تقوم بها قوات النظام السوري. هؤلاء البشر الكرام يبحثون كل يوم عن شربة ماء نظيفة، وعن كمية طحين للخبز، وسقف يؤوي، ومروحة كهربائية لمواجهة حر هذا الصيف القائظ.

المهاجرون الذين يواجهون غربة الداخل أو الخارج يطالبون المجتمع الدولي والعالم العربي بالدعم، بدءا من شحنات الطحين والماء والدواء، إلى خدمات الصحة والتعليم لأطفالهم، حتى إرسال السلاح للدفاع الشخصي عن الذات للمقاتلين في الداخل.

وخيرا فعل الشعب السعودي في حملة الخير التي جمع فيها مساعدات كريمة للشعب السوري الشقيق، والآن نحن بحاجة إلى تنبيه جامعة الدول العربية ومبعوثها الدبلوماسي العريق الأخضر الإبراهيمي لهذا الملف.

سوريا ليست فقط نظام بشار الأسد ومعارضيه، وأزمة الشعب السوري ليست جهات اقتتال فحسب، لكنها قبل كل شيء ملف إنساني يفرض نفسه على كل صاحب ضمير.

وإذا كان رجب طيب أردوغان، ولوران فابيوس، وهيلاري كلينتون، قد قاموا بزيارات ترافقهم كاميرات الإعلام لمعسكرات الإيواء للمهاجرين السوريين، فإن الأخضر الإبراهيمي مطالب بما هو أهم وأعمق من زيارات التصوير لمعسكرات اللاجئين، لذلك عليه أن يسمع من هؤلاء حقيقة تلك الأهوال التي فرضت عليهم ترك بيوتهم وأراضيهم وأملاكهم فرارا من جحيم جنون مجازر النظام.