دروس الثورات العربية!

TT

ما حدث في ليبيا من عمليات عنف، وما حدث في تونس من محاولات اقتحام احتفالية في بنزرت، وما حدث في اليمن من أعمال عنف ضد مبنى المخابرات، وما حدث في مصر الأسبوع الماضي من عدة محاولات فاشلة لاقتحام أقسام شرطة، كلها تؤشر إلى حالة تستدعي التأمل والتفكير.

هذه الحوادث كلها جاءت في أعقاب محاولات إسقاط نظام سياسي وبناء نظام آخر، وجاءت في زمن ما بعد الثورة في كل هذه البلدان.

وعلى الرغم من اختلاف الدوافع في كل هذه الأحداث وتباينها من بين قبلية أو عائلية أو دينية متطرفة، فإنها في نهاية الأمر تعكس حالة ما يعرف بـ «توابع الثورات»، أي تلك الارتدادات الأرضية التي تعقب أي زلزال كبير.

لم تستقر الثورات بعد، ولم تعرف الأنظمة الجديدة حالة من الهدوء النسبي والسيطرة السياسية والأمنية على مفاتيح البلاد.

والأهم من ذلك كله لم يعرف الناس متى تنتقل الثورة من حالة الحركة إلى حالة الاستقرار، ومتى يصبح التغيير من الشارع دائما عبر التظاهر إلى التغيير عبر الصندوق الانتخابي.

العمل الثوري «مد» و«جزر» وعلى القائمين عليه أن يعرفوا متى يكون التظاهر ومتى يكون الاحتجاج ومتى تصبح الورقة في الصندوق الانتخابي هي الحل ومتى تنتقل البلاد من حالة «الثورة» إلى دولة القانون.

ولأن خبراتنا في الثورات محدودة، ولأننا نملك «ضميرا عظيما» مقابل «وعي محدود»، فإننا خير من نبدأ ثورة وأسوأ من ينهيها!

إنهاء الثورة لا يعني قتلها ولكن يعني انتقالها من حالة «الفورة» إلى «الاستقرار» ومن حالة «الشارع الثائر» إلى حالة «الدولة القانونية» المعبرة عن الناس.

نحن بحاجة ماسة إلى أن نتعلم أنه لا شيء اسمه «أبدية الثورة» ولا شيء أيضا اسمه «أبدية النظام».

تسقط الأنظمة حينما تتوقف عن الإصلاح، وتسقط الثورات حينما لا تقتنع بأي إصلاح!

إن الأسوأ من عدم القيام بثورة ضد نظام ظالم هو القيام بثورة فاشلة تقنع الشعب بعدم جدوى الثورة ولو بعد مائة عام!