أمينة محبطة من أسماء

TT

نقلت صحيفة «حرييت» التركية عن أمينة أردوغان، زوجة رئيس الوزراء التركي، قولها: إنها أصيبت بخيبة أمل من أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري.

وحسب مجلة «نصف الدنيا» قالت أمينة: «نعم نحن كنا بالفعل صديقتين، ولا يوجد بيننا أي بروتوكول، واستضفتها عدة مرات مع والدها ووالدتها وأطفالها، وكنا نسافر لسوريا على الأقل ثلاث مرات بالسنة».

وكشفت أنه لو جرى الاتصال بينها وبين أسماء فكانت ستقول لها أن تأخذ أطفالها وتأتي إلى تركيا وستكون في حمايتها، وأكدت أن زوجها كان يدعم هذه الفكرة.

وعن رأيها الشخصي في أسماء، أكدت أمينة، حسب ما نقلت «العربية نت»، أنها: «كانت امرأة صادقة جدا وأرادت حقا الديمقراطية وتحسين بلدها، لذلك أنا لا أصدق حقا أن أسماء الأسد لم تشعر بالتطورات في سوريا».

هذه كانت صورة خيبة الأمل التي أصيبت بها السيدة أمينة، قرينة رئيس الوزراء التركي الغاضب «دوماً» على بشار، رجب الطيب أردوغان.

لكن ليست أمينة وحدها من أصيبت بالخيبة من حقيقة الصورة البشعة للنظام السوري وكل رموزه ومن يمت له بصلة؛ فزوجها نفسه، رئيس الحكومة التركية، كان من أكثر الساسة الذين منحوا الأسد الفرص تلو الفرص في منطقتنا، ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو زار بشار مئات المرات، سرا وعلنا، وأخذ منه العهود تلو العهود والمواثيق تلو المواثيق للإصلاح، ولكن خيّب بشار أمل وزير الخارجية التركي الشهير، صاحب نظرية «تصفير المشكلات».

رئيس الجمهورية الفرنسية السابق، نيكولا ساركوزي كان هو عراب تأهيل نظام بشار الأسد دوليا، وقد أثارت هذه السياسة غضب كثير من الأطراف في المنطقة والعالم بسبب استهتار هذه السياسة الساركوزية بحقيقة جرائم هذا النظام، وممارستها أقصى صنوف البراغماتية السياسية، ولكن كالعادة خيّب بشار أمل ساركوزي «المتذاكي»، وخدعه ونكث بكل وعوده، لينقلب ساركوزي في آخر أيامه عدوا لدودا لنظام بشار.

الكل كذب عليه بشار، الكل منح الفرص له للتعديل والتغيير، وكان بشار الأسد وعقل نظامه يفهم دوما الأمور بشكل خاطئ، وكل إشارات الانفتاح على أنها إشارات ضعف، حتى تهاوى المعبد عليه.

حينما صالح زعيم تيار المستقبل اللبناني، سعد الحريري، ابن قتيل النظام، رفيق الحريري، وقبل بزيارة ودية لدمشق، فهم النظام الأمر بشكل مغاير.

لم تجف كلمات سعد الحريري مع جريدة «الشرق الأوسط»، التي قالها آنذاك في حوار شهير، بعث فيه بإشارات إيجابية «جدا» تجاه سوريا، لدرجة أثارت طمع حزب الله ومن معه بطلب صك براءة من سعد الحريري من دم أبيه والبقية، حتى ردت دمشق التحية «بأسوأ» منها، من خلال ما أثاره، وقتها، الجنرال جميل السيد من صدور 33 مذكرة توقيف بحق أسماء جلها من فريق وحلفاء الحريري الأب والابن.

وكان السؤال: ماذا جرى للمصالحة العربية إذن؟!

هذا هو السؤال الذي يتبادر للذهن بعد تلك التطورات «العدوانية» تجاه فريق الحريري وبقية أركان تحالف 14 آذار.

في يناير (كانون الثاني) 2009، عقدت قمة الكويت والتأم شمل القادة العرب في أجواء ملبدة بالغيوم، وكانت الخلافات الواضحة بين محوري سوريا وإيران مع السعودية ومصر وبعض الدول العربية على أشدها، خصوصا في الساحتين اللبنانية والفلسطينية، حيث انشطر اللبنانيون والفلسطينيون تبعا لهذا الانقسام الإقليمي العربي، إضافة لأسباب داخلية طبعا، وتحدث كثيرون عن «التشرذم العربي» ووجوب توحيد الصف من أجل الذهاب بموقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية وملف السلام، ومن أجل «إراحة» لبنان وتحييده عن جبهة المواجهة الإقليمية الكبرى، حيث كانت، وما زالت، المواجهة الخفية تغلي بين إيران والدول العربية الكبرى، خصوصا بعد الهجمات الإيرانية المنسقة على الجبهات العربية الداخلية (يكفي التذكير بملفي الحوثيين في اليمن، وإثارة النعرات الطائفية في بعض بلدان الخليج)، وفي المقابل كانت إيران، بشكل غير مباشر، تهاجم من تعتبرهم أعداء لها من العرب، بذريعة القضية الفلسطينية طبعا.

في ظل هذه الأجواء المكفهرة عقدت قمة الكويت، وأطلق خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، مبادرة المصالحة العربية، ومد غصن الزيتون، من أجل رأب الصدع، والإمساك بما تبقى للعرب من أوراق في العراق ولبنان والسودان والصومال واليمن... إلخ.

تفاءل كثيرون بأن تكون الاستجابة العربية، خصوصا من قبل سوريا، على مستوى جرأة المبادرة وشجاعة الخطاب الذي تعالى على الجراح، والبعض، وأنا منهم، لم يكن متفائلا بأن تكون الاستجابة بذات المستوى، والسبب واضح، فما بين الخطابين العربيين السياسيين في المنطقة فرق كبير وبون شاسع، لأن الخلافات: «كثيرة وعميقة الجذور والفرز مطلق». كما قالت جريدة «السفير» اللبنانية نفسها صبيحة اليوم التالي للقمة.

كثير من الصحف اللبنانية القريبة من خط حزب الله أو سوريا، أو هما معا، مثل «السفير» و«الأخبار»، وحتى بعض الصحف السورية «المستقلة» شككت في المصالحة حينها، ورأت أنه يجب أن «تبنى على أسس» حسب جريدة «الأخبار» اللبنانية، ولاحقا اتضح لنا ما هو المقصود بـ«الأسس الصحيحة» أي الاندراج الكامل في الرؤية التي تمثل فريق حزب الله وحلفاء سوريا في لبنان تجاه موضوع المحكمة الدولية لقتلة رفيق الحريري ومن معه، وتجاه وضع سلاح حزب الله، وتجاه التنمية والسلام أو المقاومة والحرب.

ولم يكتفِ الملك عبد الله بتلك الخطوة الشهيرة في قمة الكويت، بل أعطى فرصة أخرى لبشار الأسد لعله يستوعب خطورة نهجه وسياساته، واصطحبه في رحلة مشتركة على طائرته إلى بيروت، لعل الحال «ينصلح»، والخصوم يهدأون في لبنان، وأعطى بشار الوعود الكاذبة للسعودية، ثم عاد ونكث.

بشار خدع الجميع، وكذب على الكل، ولم يبق له ذرة رصيد في حساب المصداقية، حتى أميركا لم تكن تريد رحيل هذا النظام، وعين باراك أوباما سفيرا له في دمشق، رغم سخط البعض في الكونغرس، ثم ضيع بشار هذه الخطوة أدراج الرياح.

الكل خسره بشار، حتى «الست الطيبة» أمينة أردوغان، لم يبق له إلا المتردية والنطيحة، وبعض أعداء حركة التاريخ في موسكو وطهران والضاحية الجنوبية في بيروت، والمنطقة الخضراء في بغداد.

وحده الشعب السوري هو من كشف حقيقة هذا النظام أمام العالم المتعامي، وسيكشف الكثير من جرائمه بعد سقوط بشار.

أليس الصبح بقريب؟!

[email protected]