محاولة تخفيف حمى الحرب ضد إيران

TT

مع دخول إسرائيل وإيران مواجهة الصيف الحالي بشأن برنامج إيران النووي، كان الإيرانيون يجرون المحادثات مع الولايات المتحدة والدول الكبرى الأخرى بحثا عن بديل دبلوماسي للحرب، ومنذ ذلك الحين، تنتشر الشائعات يوميا حول ضربة عسكرية إسرائيلية وشيكة ضد إيران، لكن ماذا حدث في أمر المفاوضات؟ الإجابة هي أن محادثات دول الـ«5+1» مع إيران توقفت خلال شهر رمضان المبارك، لكن من المتوقع استئناف الاتصالات بين كبار المفاوضين قريبا. بعد تحدثي مع الخبراء الإيرانيين والأميركيين، لم أكتشف أي مؤشر على حدوث انفراجة تخفف من حمى الحرب رغم ظهور بعض الأفكار الجديدة المفيدة.

المسار الدبلوماسي محبط للمسؤولين الأميركيين حتى هذه اللحظة، لكنه يظل مهما، لأن البديل العسكري محفوف بالمخاطر، أقلها متعلق بإسرائيل، وهدفها طويل المدى متمثل في منع الإيرانيين من امتلاك سلاح نووي. ربما تعرقل الضربة الإسرائيلية العسكرية البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات، لكنها على الأرجح سوف تقوض الائتلاف الدولي ضد إيران، وتعزز دعم الملالي في الداخل وفي المنطقة، وهو ما من شأنه أن يزيد احتمال امتلاك إيران قنبلة نووية في النهاية. بسبب هذه المخاطر، يعارض الكثير من القادة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، سواء أكانوا الحاليين أم السابقين، تفكير رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في توجيه ضربة عسكرية ضد إيران. ورغم الانقسام في إسرائيل، دعم المرشح الجمهوري ميت رومني، نتنياهو بشدة، ووبخ الرئيس أوباما بسبب اتخاذ موقف أميركي مستقل، قائلا في مؤتمر جماهيري يوم الاثنين: «إن إلقاء الرئيس لنتنياهو تحت الحافلة أمر غير مقبول. إن التفاوض نيابة عن إسرائيل صديقتنا لهو أمر غير مقبول بالنسبة لي».

فلنطلع على الوضع في المفاوضات التي لا تعجب رومني. بنهاية أغسطس (آب)، ستتحدث كاثرين أشتون، الدبلوماسية الأوروبية ومن أهم الأطراف المشاركة في المفاوضات - على الأرجح عبر الهاتف - عن الخطوات المقبلة مع سعيد جليلي، ممثل المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية. ومن المحتمل أيضا أن يتم عقد اجتماع فني آخر بين الخبراء أو المفاوضين المساعدين، أو اجتماع جلسة مفاوضات أخرى رفيعة المستوى.

ولا تزال دول الـ«5+1» (وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا) تناقش موقفها في المفاوضات. وتسارعت المشاورات الأسبوع الماضي من خلال رحلة ويندي شيرمان، وكيلة وزارة الخارجية الأميركية ومن أهم المشاركين في المفاوضات، إلى بكين وموسكو ولندن.

واتفقت الدول الست على الاستمرار في التعاون رغم وجود خلافات فيما يتعلق بالطرق. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: «في النهاية سنستكمل العمل معا». وستظل هناك هوة بين دول الـ«5+1» وإيران بحسب المسؤول الأميركي. وقد عرض الإيرانيون رسميا تعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% مقابل رفع العقوبات. هذا الموقف غير مقبول بالنسبة إلى الولايات المتحدة وشركائها في عملية التفاوض.

وأشار الإيرانيون بشكل غير رسمي إلى استعدادهم إلى تصدير مخزونهم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% والإبقاء على نسبة التخصيب عند 5%. وقد يهدئ ذلك مخاوف الولايات المتحدة، لكن لا يزال لدى إيران مخزون كبير من اليورانيوم منخفض التخصيب يبلغ 6 آلاف كيلوغرام وهو ما يمكن أن يحفزها على أن تكون مارقة وتندفع نحو تصنيع قنبلة نووية. هذه القدرة هي ما تثير قلق إسرائيل. وهناك اقتراح مثير للاهتمام وسطي من سيد حسين موسوي، المفاوض الإيراني السابق، الذي يعمل حاليا زميلا زائرا في جامعة برنستون.

لقد أخبرني خلال الأسبوع الحالي أنه إضافة إلى الحفاظ على مستوى تخصيب اليورانيوم عند 5%، ربما توافق إيران على التخلص من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب. وستقيم لجنة مشتركة من دول الـ«5+1» حاجات إيران المحلية، وسيتم تحويل أي يورانيوم مخصب فورا إما إلى قضبان وقود، أو ألواح ضرورية، أو يتم تصديره.

ويوضح موسوي أنه في المقابل ستعترف دول الـ«5+1» بحق إيران في تخصيب اليورانيوم وترفع عنها العقوبات بصورة تدريجية. ويفتقر هذا المقترح المثير للاهتمام إلى الدعم الإيراني الرسمي، لكنه سيهدئ أكثر من مخاوف إسرائيل وبالتأكيد سيثير اهتمام المسؤولين الأميركيين. ويشير موسوي إلى رغبة إيران في السماح بالمزيد من عمليات التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار ما يعرف بـ«الأبعاد العسكرية المحتملة» للبرنامج النووي الإيراني.

وسيتيح هذا المقترح الخاص بالشفافية للوكالة الدولية للطاقة الذرية مراقبة أي تجاوز محتمل، لكن يخشى المسؤولون الأميركيون من أن تطرد إيران مفتشي الوكالة الدولية بمجرد اتخاذها قرار تصنيع قنبلة نووية وتندفع إلى القيام بذلك.

وهناك فكرة أخيرة تقوم على إمكانية حقيقية بأن يظل الجمود الذي تشهده المفاوضات وتتخذ إسرائيل قرارا أحادي الجانب بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران. وفي الحالة الضبابية التي تتسم بها الحرب، سيكون هناك حاجة إلى اتصالات جادة في الخليج العربي وفتح خط ساخن مع طهران. ويمثل القيام بهذه الاتصالات أولوية في ظل انتشار الشائعات بشن حرب.

* خدمة «واشنطن بوست»