مصر وإنهاء دور العسكر

TT

أحداث كثيرة ومتسارعة حصلت في مصر في الأسابيع الماضية، أحداث ربما يجد البعض من خلالها أن مصر تتجه بعيدا عن مخلفات النظام العسكري الذي حكمها منذ عام 1952 وحتى سقوط نظام مبارك.

وعلينا هنا أن نؤشر إلى أن مصر ما زالت في مرحلة الثورة، هذه الثورة التي عبرت عنها قرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة والتي أحالت قيادات العسكر للتقاعد، وهي تمثل مرحلة متقدمة من مراحل إنهاء دور العسكر في الحياة السياسية في مصر، هذا الدور الذي كان محل شك كثير من القوى المصرية التي ساهمت في ثورة يناير.

ولكن السؤال الذي يطرحه الشارع المصري: هل تعني نهاية دور العسكر بداية الدولة المدنية في مصر أم بداية دولة الإخوان؟ وللإجابة على هذا السؤال علينا أن نقول إن قرارات الرئيس المصري بتحجيم العسكر أثار ارتياح الشارع المصري بنسبة كبيرة جدا، خاصة أن هذا الشارع يرى في القيادات العسكرية الموجودة جزءا مهما من النظام السابق وهي امتداد له في أشياء عديدة، ويمكننا أن نقول إن محمد مرسي استثمر أول خرق أمني - عسكري يحصل في فترة رئاسته والذي تمثل بحادث سيناء ليوجه ضربته الأولى ويخلي الساحة السياسية في مصر من العسكر الذين طالما مارسوا دورهم حتى بعد تنحي مبارك.

ومما يثير الانتباه أن المشير طنطاوي لا يمثل وزير دفاع بل شريكا في الحكومة المصرية وهذا ما تجلى بوضوح من خلال الإعلام المصري الرسمي الذي يتعامل مع المشير ومرسي على حد سواء من حيث الأهمية. وعلاوة على إحالة المشير حسين طنطاوي (76 عاما) إلى التقاعد ومعه الرجل الثاني في المجلس العسكري الفريق سامي عنان (مع تعيينهما مستشارين للرئيس) فإن مرسي أخرج من المجلس الأعلى العسكري قادة سلاح البحر وسلاح الجو والدفاع الجوي ومنحهم مناصب عليا في القطاع العام.

لهذا نجد أن الخطوة القادمة بدأت في مصر والتي تتمثل ليس بتحييد الجيش المصري فقط بل وبجعله مؤيدا بشكل كامل ومطلق لتوجهات الرئيس محمد مرسي.

ونجد أن محمد مرسي كما قلنا اتخذ القرار في وقت مناسب وبالتزامن مع أحداث سيناء حيث قتل 16 من حرس الحدود في 5 أغسطس (آب) قرب الحدود بين مصر وقطاع غزة. وهذا ما جعل قرار إحالة المشير وكبار الضباط للتقاعد سهلا جدا ومقبولا بنسبة عالية من الشعب المصري، وتعاملت معه المؤسسة العسكرية بإيجابية حتى هذه اللحظة على أساس أنه قرار مهني ولا يحمل دوافع سياسية، وهذا ما أكده مرسي بقوله: لم أقصد تهميش أحد أو أن أظلم أحدا بقراراتي ولكن بكل الحب والتقدير نمضي معا لأجيال ودماء جديدة طال انتظارها. وهذا التجديد تمثل في إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وهو ما يعني بشكل علمي إلغاء قرارات العسكر والسعي لإعلان دستوري جديد من قبل الرئيس المصري محمد مرسي ويرى البعض أن عودة مجلس الشعب ربما تكون قريبة جدا، خاصة أن مرسي أعاد هذا المجلس المنتخب من قبل الشعب لكن المحكمة الدستورية عطلته مباشرة.

* كاتبة عراقية