هل تصلح إيران كوسيط في سوريا؟

TT

تحاول إيران الآن الانتقال من دور الطرف المناصر تماما لنظام حكم الدكتور بشار الأسد إلى «دور الوسيط» الداعي إلى «حل سياسي من داخل سوريا وليس مفروضا عليها» ذلك حسب التصريحات الرسمية الإيرانية.

والمتأمل للدور الذي يلعبه ما يعرف باسم مجلس الأمن القومي الإيراني، والدكتور بروجردي الذي زار دمشق مؤخرا والتقى بالرئيس بشار ونائبه فاروق الشرع الذي ظهر لأول مرة بعد غياب، يمكن أن يفهم أن هناك حركة ما في هذا الاتجاه.

هناك إشكالية كبرى في أن تلعب طهران هذا الدور للأسباب التالية:

1- إن إيران مهما صرحت ومهما فعلت فهي طرف أصيل ومساند لنظام الدكتور بشار، وإن هذا الدعم تجاوز الدعم السياسي أو المالي، لكنه وصل إلى حد التسليح الكامل لآلة القتل السورية ومدها بخبراء إدارة معارك من الحرس الثوري الإيراني.

2- إن الدعوة الإيرانية لحوار النظام والمعارضة السورية برعاية طهران وعلى أراضيها هي أمر غير واقعي يصعب تصديق حدوثه بسبب المرارة التي تعانيها المعارضة من الدور الإيراني الرسمي المعادي لأحلامها في وطن حر ومستقل.

3- إن الأطراف المعارضة في سوريا، التي يمكن إجمال عدد فصائلها 12 فصيلا على الأقل، لديها امتدادات إقليمية تدعمها بالمال والسلاح، وهذه القوى هي، بالتأكيد، في الخندق المضاد للسياسة والمصالح الإيرانية.

والمتابع للتصريحات الرسمية الإيرانية بالأمس سوف يكتشف أن إيران تريد دور الوساطة منفصلا، وهذا يتضح من رد المسؤولين في طهران على المبادرة المصرية التي أطلقتها القاهرة بالدعوة إلى قمة رباعية تضم: مصر والسعودية وتركيا وإيران، وجاء في التعقيب الإيراني أن الدعوة المصرية «منفصلة تماما» عن الجهود الإيرانية. لكن المنطق يدعو إلى طرح 3 أسئلة على صانع القرار الإيراني وهو يتحرك بقوة في دمشق وبيروت، محاولا تثبيت وجوده المهدد في حال سقوط النظام السوري، هذه الأسئلة هي:

أولا: هل وصلت طهران إلى يقين بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية؟

ثانيا: هل ترى طهران أنه يمكن، بعد كل هذه المجازر والدماء بين الحكم والمعارضة، تحقيق مصالحة وطنية تؤدي إلى تعايش الطرفين في سعادة وهناء ومحبة؟!

ثالثا: هل يمكن أن يكون ثمن المصالحة الأساسي هو أن يرحل الدكتور بشار شخصيا، أو يرحل وحلقته الضيقة، أم أن المصالحة تعني رحيل وسقوط نظام بأكمله؟

بناء على الرؤية الإيرانية وإجابات طهران على هذه الأسئلة يمكن فهم مستقبل الجهود التي تبذل اليوم تجاه دور إيران الذي جاء متأخرا بعدما تورطت بقوة كطرف أصيل في الحرب الأهلية السورية.