حكم لصالح التفاحة!

TT

تابع العالم بكثير من التشوق والإثارة الحكم القضائي الذي جاء على أيدي مجموعة من المحلفين بإحدى المحاكم الأميركية لصالح شركة «أبل»، عملاق التقنية، ضد شركة «سامسونغ» الكبرى، وذلك بعد أن ثبت اتهام «أبل» لشركة «سامسونغ» بأنها اعتدت على مجموعة من براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية لها ومخالفتها بالتالي لمجموعة غير بسيطة من الأنظمة والقوانين، وصاحب الحكم غرامة مالية على شركة «سامسونغ» تتجاوز المليار دولار. وكانت توابع هذا الحكم كبيرة جدا على سعر سهم «سامسونغ» في البورصة الكورية، حيث انهارت قيمته بشكل مذهل، وبات مصير مبيعات الهاتف الجوال المسمى بـ«غالكسي» والجهاز اللوحي المسمى بـ«غالكسي» هو ايضا مجهولا، وهما من منتجات «سامسونغ» المهمة التي تشكل صلب مبيعاتها في قسم التقنية الحديثة. هذه سوف تكون سابقة قضائية في غاية الأهمية ليست لصالح شركة «أبل» فحسب ولكن للعديد من الشركات التي ترى خروقات واضحة لحقوق ملكيتها الفكرية ولكن لا يوجد سابقة حكم قضائي تدعم موقفها.. فشركات السيارات الأوروبية الكبرى ترى أن الشركات الكورية والصينية تعتدي على الكثير من التصاميم الخاصة بها وتقلدها، وكذلك الأمر بالنسبة لدور الأزياء الكبرى وشركات الساعات وشركات الفخامة العملاقة.

ستيف جوبز مؤسس شركة «أبل» الذي رحل عن دنيانا منذ فترة قصيرة أحس بالغدر والخيانة، لأن نظام التشغيل الذي قام بإنجازه واختراعه وقدمه للعالم على أجهزة الحاسب الآلي الشخصي الخاص باسم «الماك» اعتدت عليه شركة «مايكروسوفت» وقامت بتقديمه للعالم تحت اسم «ويندوز»، و«ويندوز» لم يكن سوى نسخة مشوهة من نظام «ماك»، ولكنه انتشر لأن بيل غيتس مؤسس «مايكروسوفت» اعتمد أسلوب القاعدة المفتوحة وسمح لكل مصنعي أجهزة الكومبيوتر باستخدام نظام تشغيله فانتشر عالميا، وبالتالي أصبح النظام الأساسي والأكثر شيوعا. ومرت السنوات ولم ينس ستيف جوبز هذا الأمر حتى واجه التحدي مجددا في نظام التشغيل الذي اخترعه لتشغيل الهاتف الجوال الذي أنتجه باسم «آي فون» ومعه الجهاز اللوحي الناجح المعروف باسم «آي باد»، حدث ذلك عندما أعلنت شركة البحث العملاقة «غوغل» عن دخولها في ذات المجال وقدمت جهاز تشغيل منافسا لذات العرضين عرف باسم «الأندرويد»، وكان نسخة قريبة جدا من النظام التشغيلي الذي أنتجته «أبل»، وجن جنون «أبل» وأقسم ستيف جوبز وقتها أن يلاحق من اعتدوا على حقوقه الفكرية وأن يلاحقهم قضائيا لأنهم سرقوا أفكاره، بحسب ادعائه. وبدأت حصص «غوغل» و«أندرويد» السوقية تكبر لأنهم هم أيضا اعتمدوا، مثل «مايكروسوفت» قديما، نظام القاعدة المفتوحة؛ فنشروا نظام التشغيل مع عدد كبير من مصنعي الأجهزة الهاتفية والألواح الذكية، فطبعا أصبحت حصتهم السوقية أكبر من «أبل»، ولكن هناك قضية تعد بمهارة الآن من فريق «أبل» القانوني ضد «غوغل»، وخصوصا بعد النشوة التي تحققت بفوزهم على «سامسونغ».

إن العالم أمام نموذج جميل لانتصار الفكرة الأصلية، وبهذا النصر سيكون أصحاب الإبداع والاختراع والابتكار على موعد مع التجديد، لأن هذا الحكم سيجبرهم على تقديم المزيد من الأفكار لأجل السوق ولأجل المستهلك بدلا من الاعتماد، كما كان سابقا، على سرقة الفكرة وإضافة القليل عليها لكي يتم تفريقها عن الفكرة الأصلية.

في النهاية الغلبة ليست بالضرورة للأقوى ولكن للأكثر تميزا وبراعة. في عالم الأعمال تقدم «أبل» نصرا جديدا مهما سيكون بمثابة انفجار في أفكار فريق مخترعيها، وحتما يبتسم ستيف جوبز في مكان ما بسبب هذا الحكم!

[email protected]