رومني ينوي فتح الأراضي الأميركية للتنقيب عن النفط والغاز.. هل هنالك جدوى؟

TT

في خطته المتعلقة بالطاقة التي أعلن عنها يوم الخميس الماضي، أبدى ميت رومني أسفه على أن جزءا كبيرا من الأراضي والمياه الفيدرالية في الولايات المتحدة ظل بعيدا عن متناول أعمال التنقيب عن النفط والغاز، في مناطق مثل «المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي» أو «الجرف القاري الخارجي» قبالة سواحل ولاية فرجينيا وولايتي نورث كارولينا وساوث كارولينا. وتعهد المرشح الرئاسي المحتمل للحزب الجمهوري بفتح كثير من هذه المناطق أمام امتيازات التنقيب في حال انتخابه. ولكن ما حجم النفط والغاز الموجود فعليا في هذه المناطق؟ وما حجم العائد الإضافي الذي قد تجنيه الحكومة الفيدرالية من منح امتيازات التنقيب في هذه الأراضي والمياه؟

لقد تصادف أن نشر مكتب الموازنة في الكونغرس مؤخرا تقريرا عن هذا الموضوع بالذات، وما توصل إليه هذا التقرير هو أن المزايا التي ستترتب على فتح هذه المناطق أمام التنقيب عن النفط والغاز سوف تكون محدودة للغاية على الأقل خلال العقد المقبل.

وقد نظر مكتب الموازنة في عدد من المقترحات التي تقدم بها النواب الجمهوريون: أولها بأن يقدم أحد الرؤساء في المستقبل على فتح جميع الأراضي والمياه الفيدرالية التي يمكنه فتحها، بما في ذلك أجزاء من الجرف القاري الخارجي، وثانيها بأن يوافق الكونغرس على فتح مناطق مثل «المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي»، التي يمنع القانون حاليا التنقيب فيها.

وتوقع التقرير أن يدر فتح جميع هذه المناطق حصيلة ضرائب تبلغ 7 مليارات دولار على مدار العقد المقبل، وهو رقم صغير جدا مقارنة بحقوق الملكية البالغة 149.9 مليار دولار التي يتوقع أن تجنيها الحكومة الفيدرالية من امتيازات التنقيب الحالية. ومن بين أسباب هذا الضعف في المردود أن تلك المناطق الممنوعة حاليا لا يبدو أنها تحتوي على كميات كبيرة من النفط والغاز مقارنة بما هو متاح بالفعل.

والمحصلة الأساسية التي خلص إليها التقرير هي أن الغالبية العظمى من النفط والغاز في الأراضي الفيدرالية متاحة بالفعل أمام امتيازات التنقيب، خصوصا في المياه الواقعة قبالة ولاية ألاسكا وخليج المكسيك. وهناك بالتأكيد مجال لفتح المزيد من الأراضي الفيدرالية، غير أن الموارد الإضافية تبدو عند المقارنة متواضعة للغاية. وعلى سبيل المثال، فإن فتح باقي «الجرف القاري الخارجي» أمام أعمال التنقيب سوف يزيد من إنتاج النفط والغاز البحري في المياه الفيدرالية بنسبة لا تتجاوز 3 في المائة في عام 2035.

ويطرح «مكتب الموازنة في الكونغرس» بعض التحذيرات في هذا الصدد، وأحد هذه التحذيرات يقول إن هذه مجرد تقديرات لحجم النفط الموجود بالفعل. ويضيف مكتب الموازنة: «من المهم ملاحظة أن أي توقعات تتضمن موارد جيولوجية هي في الحقيقة غير مؤكدة». فبعض هذه المناطق قد يتضح أن تكلفة التنقيب به أو ما يتضمنه من صعوبات جيولوجية أكبر من أن يكون منتجا (فالكثير من موارد خليج المكسيك توجد في أعماق سحيقة ما زالت تمثل تحديا تكنولوجيا مستعصيا)، والبعض الآخر قد يتبين أن به موارد أكبر من المتوقع. إلا أن هناك جوانب عدم يقين سياسي أيضا، فحتى إذا قامت إدارة رومني بفتح «الجرف القاري الخارجي» أمام أعمال التنقيب، فإن ولايات مثل كاليفورنيا قد لا تسمح بمنح امتيازات التنقيب بها على الرغم من ذلك.

وبالإضافة إلى هذا، فإن مكتب الموازنة لم ينظر سوى إلى الإيرادات التي ستجنى على مدار العقد المقبل، ولكن إذا افترضنا أن الكونغرس وافق على فتح «المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي» أمام امتيازات التنقيب العام المقبل (وهو أمر غير وارد الحدوث)، فإن إنتاج النفط قد لا يشهد زيادة كبيرة لما لا يقل عن عقد من الزمان. وما بين عامي 2023 و2025، قد يوفر التنقيب في «المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي» للحكومة الفيدرالية إيرادات إضافية تتراوح ما بين 2 و4 مليارات دولار سنويا، على حسب كيفية تقسيم حقوق الملكية مع ولاية ألاسكا، إلا أن هذا سيظل أقل من سدس إيرادات النفط والغاز التي كانت تعود على الحكومة من الأراضي الفيدرالية الأخرى.

والآن، كما هو الحال دائما، فإن فتح هذه الأراضي والمياه أمام التنقيب ينطوي على جميع أنواع المشكلات الأخرى؛ حيث يعارض كثير من الساسة في ولاية فلوريدا فتح المنطقة الشرقية من خليج المكسيك أمام التنقيب بسبب خطر تسرب النفط مما قد يلوث شواطئهم القيمة، كما يقف المهتمون بالبيئة ضد فتح «المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي» أمام التنقيب لأنه قد يهدد النظام البيئي الهش هناك. وهذا كله لم يتطرق إليه تقرير «مكتب الموازنة في الكونغرس»، فكل ما كان يحاول فعله في الأغلب هو أن يعطي فكرة عن حجم النفط والغاز الموجودين فعليا في المناطق محل النقاش.

* خدمة «واشنطن بوست»