إيران: للخلف در؟

TT

تابعت بالأمس على الهواء مباشرة الجلسة الافتتاحية لقمة عدم الانحياز في طهران لمدة خمس ساعات، ويمكن للمراقب المتابع أن يرصد من خلالها عدة ملاحظات موضوعية هامة:

أولا: قلة عدد زعماء الدول الممثلين لـ57 دولة من دول المجموعة وحضور نسبة محدودة للغاية على مستوى القمة، بينما كانت غالبية التمثيل على مستوى وزراء الخارجية أو وكلاء الوزير.

ثانيا: وجود صورتين ضخمتين في قاعة المؤتمر؛ الأولى للإمام الخميني والثانية للمرشد خامئني.

ثالثا: قيام إيران كدولة مضيفة بإلقاء كلمتين في الجلسة الأولى، كلمة للمرشد وكلمة للرئيس أحمدي نجاد مما يعكس حالة ثنائية الحكم المميزة للنظام الإيراني.

رابعا: حضور «المطرقة» التقليدية التي يمسك بها رئيس المؤتمر ويسلمها كرمز لانتقال رئاسة الدورة لمدة 3 سنوات من بلد إلى آخر متأخرة، أي بعدما قام الرئيس المصري بالإعلان عن تسليم الرئاسة إلى إيران.

خامسا: كانت كلمة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي قوية وصريحة ومباشرة بالنسبة للوضع الدموي الحالي في سوريا مما أدى إلى خروج الوفد السوري المشارك برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم من القاعة عند الفقرة التي قارن فيها الرئيس المصري بين معاناة الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي ومعاناة الشعب السوري من الآلة العسكرية السورية. ولوحظ أيضا عدم قيام الوفد الإيراني بالانسحاب تضامنا مع الصديق السوري، وعدم قيام الرئيس الإيراني بالرد أو التعقيب على كلمة الرئيس المصري بل إنه وجه إليه الشكر والإشادة.

هنا نتوقف أمام السلوك الإيراني تجاه الوضع في سوريا وحرص طهران على عدم تحويل المؤتمر إلى منصة للدفاع عن السياسات الرسمية السورية. ويبدو أن طهران أدركت أن كلفة ثمن الدفاع عن سياسات «الصديق بشار الأسد» ستكون غالية في الوقت الذي تسعى فيه إلى استغلال وجود الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في المؤتمر للتوصل إلى مبادئ تسوية بالنسبة لأزمة الملف النووي.

هذه المؤشرات تدل على أن إيران تقرأ بما لا يدع مجالا للشك حالة التحول في الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي تجاه الملف النووي والملف السوري، وأنها - أي إيران - إذا خيرت بين هذا وذاك فهي بالتأكيد ليست حريصة على تعريض مصالحها العليا للخطر مهما كان الارتباط مع أي حليف حتى لو كان الحليف السوري.

الإشارات التي ظهرت في الجلسة الأولى لقمة طهران من الممكن أن تعطينا علامات واضحة حول وجود رغبة في المنطقة للعودة من حالة حافة الهاوية إلى نقطة تسوية ما، بدأت أولى علاماتها ولكن لا أحد يعرف كيف يتم الوصول بها إلى مرحلة التوقيع النهائي سواء في طهران أو دمشق.