وقف القتل لا وقف إطلاق النار

TT

ما إن يقول أي مسؤول عربي، أو غربي، أو حتى أممي، ولو كان المبعوث المشترك إلى سوريا، السيد الأخضر الإبراهيمي: «إن الأهم في سوريا الآن هو وقف إطلاق النار». فإن على المعني والمتابع أن يرتاب، ويعيد حساباته جيدا، ولا يؤمل بشيء عملي وملموس من الجهود المبذولة في التعامل مع ملف نكبة الشعب السوري الثائر على الطاغية بشار الأسد.

فلا يمكن القبول بأي حال من الأحوال بالقول في الحالة السورية: إن السعي يجب أن يتركز من أجل وقف إطلاق النار، حيث يجب أن يكون السعي التام هو من أجل وقف القتل الأسدي للشعب السوري. فما يحدث في سوريا، وبكل بساطة ووضوح، هو أن النظام القمعي المهيمن على السلطة هناك - وفي دولة تدعي أن نظام حكمها السياسي هو «الجمهوري» - يقوم باستخدام الطائرات الحربية، والمدفعية، والصواريخ، من أجل تركيع شعبه الثائر منذ قرابة الثمانية عشر شهرا، الشعب الذي لم يحمل السلاح ضد الطاغية الأسد، وعصابته، منذ أول يوم في الثورة، على غرار ما حدث في ليبيا، ولم يستخدم حتى قنابل المولوتوف، بل كانت ثورة سلمية فعليا جوبهت بالقتل والعنف المنظم من آلة القتل الأسدية. وهذا ليس كل شيء، بل إن النظام الأسدي، ومنذ اندلاع الثورة السورية وحتى اليوم، لم يقدم جنديا واحدا، ناهيك عن ضابط، للمحاكمة جراء قتل البشر، وهتك الأعراض، وتدمير النسيج السوري ككل، فكيف يقال اليوم بأن المطلوب في سوريا هو وقف إطلاق النار؟

المفترض أن يقال إن المطلوب هو وقف القتل الأسدي في سوريا، وفي حال ما قيل ذلك، ومن أي طرف كان، فحينها يشعر المرء بأن هناك من ينتصر للشعب السوري الأعزل، وأن هناك من هو حريص على سوريا الدولة، وحماية نسيجها وسلمها الاجتماعي. وليس محاولة تصوير الأسد على أنه طرف والثوار طرف آخر كما يفعل وزير الخارجية الروسي الآن، وخصوصا عندما يقول إن مطالبة النظام الأسدي بوقف إطلاق النار من طرف واحد تعد سذاجة، وأشبه بالاستسلام! والسذاجة الحقيقية هي في تبرير جرائم نظام - كنظام الأسد - يريد أن يحكم بالقتل، والظلم، وهتك الأعراض، وتدمير البلاد ككل، وليس حماية المدنيين، ونسيج الدولة السورية فقط من أجل مصالح بات من المستحيل اليوم الحفاظ عليها، ناهيك عن مستقبل الأيام. فما سيتذكره السوريون والعرب مطولا، هو أن إيران وروسيا مكنتا بشار الأسد من قتل الشعب السوري، وتهديد وحدة سوريا ككل.

ومن أجل ألا يكون الحريصون على الشعب السوري عرضة للحيل، سواء من بعض دول المنطقة، أو خلافها، فلا بد من التنبه، ورفض، تعبير وقف إطلاق النار في سوريا. فالأصح، والأكثر دقة، هو وقف القتل الأسدي للشعب السوري الأعزل، خصوصا ونحن نسمع وزير الإعلام الأسدي أمس يضع الشروط لمهمة السيد الإبراهيمي، ويكيل الشتائم والاتهامات لدول المنطقة بينما قوات الأسد تعربد بلا رحمة، أو رادع، في سوريا.