لبنان: مقاومة السيجارة والنارجيلة!

TT

جدل هائل في لبنان الآن حول قرار منع التدخين في الأماكن العامة وصل إلى حد رفعه إلى مستوى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال سليمان.

كان المفروض تطبيق المرحلة الأولى من القانون في 4 سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وكان المفروض أن تبدأ المرحلة الثانية في مارس (آذار) الماضي ولكن مقاومة الرأي العام وأصحاب المصالح والمقاهي لهذا القرار أثارت معركة كبرى.

وتقول نقابة المطاعم في لبنان، إن تطبيق هذا القانون سوف يؤدي إلى إغلاق قرابة 40 في المائة من المقاهي والنوادي والمطاعم، وسوف يؤدي إلى إغلاق ألف مؤسسة سياحية تعتمد على تقديم النارجيلة، وسوف يؤدي إلى الاستغناء عن نحو عشرة آلاف عامل في هذا المجال.

وتصر المؤسسات الرسمية والصحية وهيئات من المجتمع المدني المضادة للتدخين والداعمة لفكرة إنقاذ غير المدخنين من ظاهرة «التدخين السلبي»، على تطبيق هذا القانون بحزم وفعالية وبشكل فوري.

والقصة تحتمل وجهات نظر مختلفة ومضادة، ولكن الذي أتوقف أمامه هو مسألة ضرورة احترام وتطبيق القانون وإنفاذه في لبنان.

وكأن لبنان دولة قانون تقوم بالالتزام الصارم به ولم يتبق سوى قانون منع التدخين! إذا تحدثنا عن إنفاذ القانون، فأين تحريك قضية قتلة الشهيد رفيق الحريري ورفاقه؟ وإذا أردنا تطبيقا أكثر للقانون فكيف نسكت عن أطنان الأسلحة الموجودة في أيدي أكثر من مليون لبناني دون ترخيص؟ وكيف نريد منع السيجارة بينما ما زال لبنان من أكبر الدول الزارعة للأفيون ومنتجة للحشيش؟ وكيف يمكن الحديث عن تطبيق القانون وما زالت قرارات صادرة عن المحاكم اللبنانية ليست قيد التنفيذ أو الاحترام من السلطات؟

إن نظرة إلى الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية ومدن الشمال اللبناني سوف توضح لنا أنها مناطق نفوذ أمني وسياسي وطائفي بعيدة تماما عن السيطرة الفعلية للدولة المركزية في بيروت.

آثار دخان التبغ والنارجيلة - بالفعل - خطيرة على حياة الناس ولكن الأخطر منها دخان الإطارات التي تحترق على الطرق المقطوعة، والأخطر منها دخان الحرائق الناتجة عن مصادمات طرابلس الأخيرة.

توقف الحوار الوطني والعلاقة الصاعدة والهابطة بين ترويكا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة فيها خطر على حياة اللبنانيين، وعدم صدور قانون انتخابات غير طائفي فيه خطر أكبر على المستقبل السياسي لهذا الوطن الذي وصل عدد طوائفه إلى 19 طائفة.

لبنان يمر بأزمات شديدة أخطر من منع التدخين، وإذا كانت الدولة تريد أن تثبت حضورها فإن ذلك يستدعي التعامل مع عشرات الملفات الأهم من إيقاف تدخين سيجارة أو معاقبة صاحب نارجيلة!!