د. مرسي في جامعة العرب

TT

قدم الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي رؤيته كزعيم عربي بشكل عميق ومحدد خلال كلمته الافتتاحية لمؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في القاهرة ظهر أمس «الأربعاء». واستطاع بأداء مؤثر وكلمة كتبت بعناية وذكاء أن يخاطب مجموع العالم العربي كدول، ثم كأنظمة، بشكل إيجابي فيه «طمأنة ومساندة» لدور مصر الإقليمي الحالي والمقبل.

ولعل أهم محور توقف أمامه الرئيس مرسي كان الملف السوري الذي جاء في مقدمة وقلب ونهاية الخطاب. ولعلي ولعل الجميع قد توقف طويلا أمام تحذير الرئيس المصري الذي ارتجله بعيدا من النص حينما قال: «لا تتخذوا القرار الصحيح في الزمن الخاطئ، القرار الصحيح يصبح صحيحا حينما يتخذ في الزمن الصحيح»، لافتا النظر إلى تأخر التحرك العربي لإيقاف مجازر النظام في سوريا. واختتم الدكتور مرسي كلمته وهو يهم بالوقوف مغادرا القاعة: «سوريا.. ثم سوريا هي الأساس، اتخذوا أي قرار ونحن معكم». ولم يفت الدكتور مرسي الإشارة إلى اليمن والسودان وفلسطين ودول الخليج والصومال والعراق بأسلوب فيه «تقارب مصري إيجابي» تجاه هذه الدول.

ما الملاحظات الأساسية التي يتوقف أمامها المراقب وهو يتابع كلمة الرئيس مرسي؟

أولا: خروج مصر من حالة الانكفاء على مشكلاتها وهمومها داخل حدودها وبدء تحركها للعب دور إقليمي نشط وفعال.

ثانيا: استعانة الرئيس بفريق متعمق في الشؤون العربية أعد له خطابا جيدا هو في حقيقته دستور ومبادئ عمل للسياسة الخارجية المصرية عربيا.

ثالثا: إن مقاطع الارتجال التي لجأ إليها الرئيس تعني إلمام الرجل الكامل بتفاصيل الملفات الساخنة العربية التي يتصدى لها، وأن الرئيس ليس مجرد قارئ لخطاب أعد له أو ناقل لأفكار مساعديه.

رابعا: إن القاهرة في سياستها العربية «انتقلت» بالفعل من حالة رد الفعل للحدث، وهي السمة التي كانت تغلب على السياسة العربية لمصر لسنوات طويلة، إلى حالة «الفعل الإيجابي» أو الانتقال من مقعد المشاهد السلبي إلى «المتفاعل المؤثر».

هنا لا بد أن نتوقف ونؤكد أن أي سياسة خارجية تنطلق أساسا من مدى تماسك الوضع الداخلي للدولة، وكما قال جون فوستر دالاس: «لا توجد سياسة خارجية لأميركا، توجد - فقط - سياسة داخلية».

هذا التحدي يجعل كل تعهدات الرئيس المصري مرهونة بالاستقرار السياسي الداخلي لمصر وحجم تماسك اقتصادها ودوران عجلة التنمية فيها بشكل إيجابي.

حتى تستطيع مصر فعليا الخروج من حالة الانكفاء الداخلي إلى محيطها العربي، فهي بحاجة إلى دعم اقتصادي قوي من أشقائها العرب.