الحب والإفلاس والتهريج بمنطقتنا!

TT

قال الرئيس الإيراني لنظيره الفلسطيني إنه يحب الفلسطينيين، فبادره عباس بالقول: «مشان الله حبنا كلنا»، أي ليس حماس فقط. لكن هيهات أن يفعل نجاد ذلك، فلن ترضى إيران وأتباعها عن الفلسطينيين حتى يكونوا لعبة بيدها، مثل حماس وحزب الله والأسد.

فكم هو مخز أن تعلن السلطة الفلسطينية إفلاسها بينما تستعد حماس لتهيئة جيل من الدبلوماسيين من غزة، مما يعني تكريس الانقسام الفلسطيني الناجم عن انقلاب حماس التي لا تعاني من ضائقة مادية بسبب الدعم الإيراني، ومخز أن يعلن عباس عدم مقدرة السلطة على توفير رواتب بالضفة بينما يعلن في مصر أن الجماعات الإرهابية الإسلامية بسيناء تملك طائرات بلا طيار، وأسلحة متقدمة، لضرب الجيش المصري، فكيف يمول الإرهابيون لضرب أمن مصر، بينما لا تجد السلطة الباحثة عن السلام من يمولها! كما أنه مخز أن يتسول عباس الأموال بينما يحصل الأسد على كل ما يريده من إيران، وأتباعها، من أجل أن يقتل الشعب السوري! نعم أمر مخز أن يعلن عباس إفلاس السلطة بينما رموز الخراب والانقسام، في منطقتنا، ينعمون بالتمويل والتسهيلات من طهران، بل ومن بعض الأنظمة العربية التي تقول إنها تحارب عميل إيران بسوريا، لكنها، أي تلك الأنظمة، تريد تهشيم السلطة فقط لتعزيز سلطة الإخوان المسلمين بمنطقتنا، ومن ضمنها غزة، وهو تناقض لا يحدث إلا في منطقتنا المليئة بالتناقضات والتهريج السياسي.

وما دمنا نتحدث عن التهريج السياسي، فمن المهم تأمل دعوة رئيس الحكومة الإيطالية لنظرائه الأوروبيين بضرورة عقد مؤتمر لمجابهة خطر الشعبويين، أو الديماغوجيين، أو المضللين.. سمهم ما شئت، الذين يساهمون في تضليل الرأي العام، ويهددون مستقبل أوروبا ووحدتها مستغلين تداعيات الأزمة المالية الحالية، حيث يدعو رئيس الحكومة الإيطالية الأوروبيين للتصدي لتلك التيارات الشعبوية بالقول إنه «من المفارقة الملاحظة أننا عندما وصلنا إلى مرحلة نأمل فيها استكمال عملية الاندماج، نشهد ظاهرة خطيرة تتمثل بالعديد من التيارات الشعبوية التي تعمل على التفتيت في غالبية الدول الأعضاء»، وهذا هو حال منطقتنا اليوم للأسف، حيث لا صوت يعلو إلا صوت الشعبويين والمضللين، وإلا كيف نفسر صرخة عباس بأن السلطة مفلسة ماديا، بينما حماس وحزب الله لا يعانون من ضائقة مالية، ويتاجرون بالقضية، ومن خلفهم إيران، وبعض من الثورجية في منطقتنا؟ بل كيف نفهم دفاع ميشال عون، حليف حزب الله، عن الأسد؛ حيث يقول إن البديل لطاغية دمشق سيكون أناسا منتمين لعصور الرجعية. فهل نسي عون أنه كان حليف صدام حسين قبل الأسد؟ فهل هناك تهريج ورجعية أكثر من هذا؟

أمر محير ومحبط حقا، فأي مستقبل نريد لأبنائنا ومنطقتنا؟ هل نريد حماس وحزب الله ومن على شاكلتهما، أم نريد ترسيخ مفهوم الدولة التي تعلي قيمة الإنسان، وتقدر العلم، وتحترم القوانين، وفق مبدأ الدين لله والوطن للجميع؟

هذا ما يجب تذكره دائما، أما القول بأن على إيران وأتباعها أن يحبوا كل الفلسطينيين «مشان الله»، فهذا مجرد أضغاث أحلام!

[email protected]