على الرغم من أنف الزبائن.. الشركات تلح على إلحاق ضمانات مع بضائعها

TT

عرفت عائلة هاغلر شخصا عمل مندوب مبيعات بسلسلة متاجر متخصصة في المراتب في منطقة واشنطن. وأسبوعيا، تنشر سلسلة المتاجر إعلانا يشغل صفحة كاملة في صحيفة «واشنطن بوست»، تعلن فيه عن خصومات كبيرة على موديل لمرتبة. وتبدو القاعدة بين مندوبي المبيعات غاية في البساطة: إذا بعت لأي عميل تلك المرتبة ذات السعر المخفض، فأنت مفصول.

هذا صحيح. إذا كنت مندوب مبيعات وقمت ببيع المرتبة المعلن عنها، فستتم إقالتك.

خطرت تلك القصة بذهني مؤخرا، بعد أن سمعت أسرة هاغلر عن كثير من موظفي شركة «ستابلز» الذين وصفوا بعضا من الضغط الذي واجهوه من قبل الإدارة، في ما يتعلق بالمبيعات. لكن قبل أن نسمع من الموظفين، دعونا نفسح المجال لعميل يصف ما يبدو عليه هذا الضغط من منظور العميل. فيما يلي مقطع موجز ومنقح من موقع إلكتروني يحمل اسم (my3cents.com)، كتبه شخص عرف نفسه باسم «JA2009». وهو يحاول شراء جهاز كومبيوتر «أسير» بسعر 449 دولارا في أميركا.

يقول الزبون «عند وصولي للشركة، وجدت مندوب مبيعات أخبرني بأن أجهزة الكومبيوتر المحمولة جاهزة للبيع. لكن قبل أن يحضر لي واحدا، حاول أن يروج لي (خطة حماية). الآن، لعدة أسباب، من بينها معلوماتي الخاصة عن أجهزة الكومبيوتر، إضافة إلى إمكانية التمتع بخدمات إصلاح أجهزة الكومبيوتر المجانية، رفضت هذا العرض. أشار مندوب المبيعات إلى أنه جيد، ثم ذهب، مثلما افترض، لإحضار جهاز الكومبيوتر الذي طلبته».

«عاد وبصحبته المدير العام للمتجر، الذي مضى بالمثل في ترويج خطة الحماية لي بشكل عدواني. كان غاية في الفظاظة، ملمحا إلى أنني (لست محقا) في عدم إضافتي الخطة. ومضى إلى حال سبيله عندما أخبرته في نهاية الأمر أنني لا أرغب في هذه الخطة. بعدها، سمعته ينادي مساعد المبيعات ويهمس له بأمر ما. وبعد بضع ثوان، أخبرني بأن جهاز الكومبيوتر المحمول غير متوفر بالأساس».

ازداد الطين بلة. فقد اتصل العميل المرتقب بفرع آخر لمتجر «ستابلز»؛ حيث أخبره مسؤول المبيعات بأن لديهم جهاز كومبيوتر «أيسر» بسعر 449 دولارا.

«دخلت المتجر ووجدت الشخص نفسه الذي تحدثت إليه قبل ثماني دقائق. كان المتجر شبه فارغ. سألته عما إذا كان هو من حدثته للتو عن جهاز الكومبيوتر المحمول «أيسر» وأكد لي أنه هو. سألته عما إذا كانت أجهزة الكومبيوتر متوفرة، وأخبرني بأنها متوفرة. بعدها، سألته عما إذا كان بإمكانه أن يحضر لي واحدا؛ لأنني بحاجة إليه بالفعل. بعد ذلك، وقبل أن يذهب ليأتي لي بالجهاز، سألني عما إذا كنت أرغب في الحصول على خطة تحسين الخدمة». بالتأكيد تعرفون بقية القصة. بعد إلقائه نظرة سريعة على البضائع، عاد مندوب المبيعات ليخبرني بأن جميع أجهزة «أيسر» قد نفدت.

وتعود تلك القصة إلى ثلاث سنوات مضت، لكنك ستجد تنويعات منها على مواقع إلكترونية مختلفة خاصة بالعملاء. اختارت أسرة هاغلر هذه القصة لأنها مفصلة ولا تحوي أي تفاصيل مخجلة – وهو أمر نادر في هذا النوع من القصص.

ما الذي يجري هنا؟ لماذا لا تتلهف تلك المتاجر على بيع أجهزة الكومبيوتر، حتى وإن لم يرغب العملاء في شراء خطط تحسين الخدمة؟ مثلما سنرى، لن تجيب سلسلة متاجر «ستابلز» عن هذا السؤال. لكن بحسب الموظفين، فإن لديها مجموعة من الحوافز التي تجعل من غير المحبب بالنسبة للموظفين بيع جهاز كومبيوتر من دون مجموعة كاملة من الملحقات، لا سيما خطة لتحسين الخدمة.

لدى سلسلة متاجر «ستابلز»، على حد ذكر مديرة تدعى «ناتاسجا شاه»، في سلسلة من المحادثات ورسائل البريد الإلكتروني، نظام يحمل اسم «ماركت باسكت» والذي يتعقب قيمة المواد الإضافية التي يروجها كل موظف مع المنتجات بالدولارات. وتقول شاه، «يجب أن يكون متوسط قيمتها هو 200 دولار». بعبارة أخرى، في كل مرة تبيع فيها جهاز كومبيوتر، ستكون بحاجة لبيع مواد أخرى إضافية معه، تبلغ قيمتها 200 دولار. ويتم تعقب هذا المتوسط بدقة. يتم تدريب مسؤولي المبيعات الذين لا يحققون الأهداف المحددة لهم، وفي حالة إذا لم يجد ذلك نفعا، على حد قولها وقول موظفين آخرين، سيكون هناك إجراء تأديبي يمكن أن يفضي إلى إقالته؛ ويمكن أن ينتهي الحال بأصحاب الأداء السيئ إلى قضاء كثير من المناوبات الليلية وفي العطلات الأسبوعية أو حتى إلى تقليل ساعات العمل الأساسية.

ما الذي يحدث للمديرين الذين لا يمكنهم الحفاظ على أرقام نظام «ماركت باسكت» خاصتهم على مستوى المتجر؟ «ليس ذلك جيدا»، على حد قول مدير طلب عدم ذكر اسمه خوفا من العواقب «ثمة هذه المكالمات الجماعية مع مديري المقاطعات، والذي خاطب أحدهم ذات مرة مدير أحد المتاجر قائلا: «إذا لم يكن بمقدورك القيام بمهمتك، يمكنك أن تقوم ببيع البطاطس المقلية في «ماكدونالدز»».

وفي ظل خطر تقليل متوسط «ماركت باسكت» الخاص بالمتجر، على حد قول كثير من الموظفين، تعطي الإدارة العليا توجيهات لإدارة المتجر بأن يخبر الموظفين الذين يرون أنه ليس بإمكانهم بيع مواد إضافية تبلغ قيمتها 200 دولار بأن جهاز الكومبيوتر ليس متوفرا. وقالت شاه، التي تعمل في أحد متاجر «ستابلز» في فاونتن فالي بولاية كاليفورنيا: «في هذا الأسلوب، نجعل العملاء يغادرون المتجر خاليين الوفاض».

ويعتبر هذا الأسلوب بمثابة تحديث لأسلوب آخر، على حد قول شاه، والذي كان يتمثل في إرسال العميل إلى فرع آخر من سلسلة متاجر «ستابلز». غير أنه تم التخلي عن هذا الأسلوب؛ لأن عددا هائلا من المتاجر كان يحيل كثيرا من العملاء إلى متاجر أخرى، مما تسبب في حالة من الاستياء بين العملاء. والآن، أصبح لدى موظفي المتاجر ممن لا يرغبون في رد العملاء خاليي الوفاض خيار آخر: بإمكانهم توجيههم لمتجر إلكتروني آخر لبيع أجهزة الكومبيوتر وتعريفهم بكيفية إرسال طلباتهم عبر الإنترنت.

تقول شاه، «إذا ما قاموا بشراء الجهاز من على شبكة الإنترنت، نتكبد خسارة. لكن ليست لدينا مشكلة مع نظام (ماركت باسكت)». وأشارت شاه إلى أنها قد عبرت عن اشمئزازها لمديرها ورفضت توجيه أي من أعضاء فريقها إلى هذا الأسلوب. وقالت إنها سئمت بالدرجة الكافية منه، وأيضا من عدة أساليب أخرى، إلى حد أنها ترغب في الحديث عنه بشكل علني.

ولدى سؤاله عن كل هذا، كتب ممثل من سلسلة متاجر «ستابلز»، يدعى كاري ماكيلوي في رسالة بريد إلكتروني: «سياسة متاجر (ستابلز) لا تلزم العملاء بشراء خطة خدمة. مهمتنا أن نلزم مساعدي المبيعات بالحديث إلى العملاء لضمان أن لديهم ما يحتاجون إليه للتعامل مع الجهاز عند عودتهم إلى منزلهم أو مكتبهم. ليس من المنطقي الرفض التام لأسلوب تفرضه كل الحوافز. ربما لا يكون من الظلم بدرجة كبيرة نشر إعلان في صفحة كاملة للترويج لمنتج وإقالة الموظفين الذين يقومون ببيعه من دون الملحقات الإضافية المصاحبة له – لكنه عمل ظالم إلى حد ما».

* خدمة «نيويورك تايمز»