رئيس الوزراء يطارد نائب الرئيس!

TT

العنوان يفضح قضية الخصمين المالكي والهاشمي، الأول رئيس وزراء العراق الذي بات بيده كل الصلاحيات من الجيش إلى الأمن إلى القضاء، والثاني نائب رئيس للجمهورية هارب من المالكي الذي حكم عليه بالإعدام غيابيا. ورغم خطورة الحكم، فإن قلة اهتمت بأدلة المحكمة وشهودها، لأن سلامة القضية مشكوك فيها، الخلاف بين الزعيمين سياسي، والذي حقق فيه الأمن التابع للمالكي في ظروف العدالة فيها غير سليمة ومستقيمة.

نوري المالكي لا يبدو مهتما بصورته منذ اعتلائه رئاسة الوزراء للفترة الثانية، فقد زاد سلوكه عدوانية، باشر مطاردة خصومه السياسيين، مثل صالح المطلك، حيث أعلن عن طرده من منصبه كنائب رئيس للوزراء، لأنه صرح مرة فانتقد المالكي لتفرده بالقرارات، لكن عندما قال الشيء نفسه السيد مقتدى الصدر واتهمه بالديكتاتورية لم يتجرأ المالكي على معاقبته، أو حتى توبيخه.

وهذا ما يدفع البعض للخوف من أن المالكي، من حيث يدري أو لا يدري، يقوم بتمزيق العراق طائفيا وإقليميا، بتصعيد خلافاته الشخصية مع خصومه من السنة العرب وقادة الأكراد، وهناك من يظن أن معارك المالكي ضد السنة والأكراد ليست في حقيقتها إلا معارك ضد منافسيه من كبار السياسيين الشيعة حتى يتفرد بما تبقى من مناصب، ويهيمن على بقية المؤسسات الحكومية مثل المالية والبترولية وهيئة النزاهة المكلفة بتعقب الفساد، وهيئة الانتخابات المكلفة بالإعداد للانتخابات المقبلة، عدا عن استكمال سيطرته على إدارات المحافظات، والعاصمة بغداد، بعد أن سيطر على أجهزة الأمن والاستخبارات والجيش.

نحن لا نريد أن نربط مصير السنة في العراق بقضية طارق الهاشمي، رغم ما شابها من تعسف أمني. لكن، بكل أسف، ما يفعله المالكي هو أنه يصعد من مواجهته لقيادات سنية حتى يخال المرء أنه يريد أن تتحول إلى معركة محورها.. المالكي ضد سنة العراق! طبعا، لا يعقل لسياسي يحكم كل العراق أن يرضى بتقزيم نفسه ودولته، لكن هذا ما يفعله اليوم ضد حاكم إقليم كردستان، وضد نائب رئيس الجمهورية، وضد نائب رئيس الوزراء.

بأفعاله، حيث يدري أو لا يدري، يقوم المالكي بتمزيق المجتمع العراقي، اعتراضا على تصريح على شاشة تلفزيون، كما هو سبب معركته مع المطلك، وبفتح ملف مزعوم قديم ضد الهاشمي، وبتصعيد المعركة على اختلاف الحصص النفطية لإقليم كردستان، وغيرها.

هل يفعلها تحضيرا للانتخابات العراقية اللاحقة حيث ينوي أن يختصرها على نفسه، ويقدم صورته كمخلص لشيعة العراق من سنته وكرده؟ هل يريد أن يستفرد بإخراج منافسيه وتعزيز صلاحياته، ويحل موعد الانتخاب فيضمن نجاحا سلسا بعد أن فشل في الانتخابات الماضية أمام إياد علاوي، واضطر إلى الاستعانة بطهران لإجبار القوى الشيعية على منحه أصواتها التي كسبتها؟

أم أن المالكي عاطفي، رجل لا يفكر بعقله، ولا يعي مخاطر أفعاله على بلده ونظامه وأهله، وقد يكون صحيحا ما يشاع أنه مجرد أداة في محيط موظفيه المتحمسين جدا لتوريطه في معاركهم، وتفسيراتهم له عن «مخططات تآمرية ضده»؟

وسواء ما يفعله المالكي من تصعيد خطير مرده مشروع سياسي له للاستيلاء على الحكم أو خلافات شخصية فإن قرار إعدام الهاشمي ذروة حماقات الحكم.

بالنسبة للعراقيين لن تهمهم حروب المالكي، لأنهم اليوم في حال بائس، رغم أن مداخيل العراق من النفط لم يجن مثلها أي حاكم عراقي منذ زمن نبوخذ نصر، والعراق، رغم خروج الأميركيين، وكسر تنظيم القاعدة الإرهابي، ظل بلا خدمات ولا أمن ولا مصالحات في وقت المالكي منشغل فيه بملاحقة خصومه السياسيين!

[email protected]