«القاعدة» الجديدة!

TT

اغتيال السفير الأميركي وثلاثة من مساعديه في بنغازي جريمة إنسانية وكارثة سياسية بكل المقاييس، ليس فقط على الملف الليبي - الأميركي، ولكن على النظرة الأميركية الكلية للعلاقات بين واشنطن والمنطقة.

في البيت الأبيض والخارجية والبنتاغون يتساءلون عما إذا كان هذا هو «التعبير عن الشكر والعرفان من دولة وشعب قمنا بمساعدتهما أمنيا وعسكريا وسياسيا وماليا، فماذا يحدث لنا في دولة تعتبرنا قوى معادية؟».

حتى الآن لم يتم الكشف عن الهوية الحقيقية للذين ارتكبوا الجريمة، ولكن أصابع الاتهام تتجه إلى قوى من بقايا نظام القذافي التي ما زالت لديها نزعة الثأر من النظام الجديد في ليبيا، وما زال لديها الكثير من المال السائل وترسانة الأسلحة المخبأة في جبال وكهوف الصحراء الليبية الشاسعة.

وهناك نظرية لم تتأكد بعد، وهي أن جزءا من تنظيم القاعدة الذي انتقل من باكستان وأفغانستان في العام الماضي إلى اليمن، تم توزيعه على ثلاث مناطق أخرى هي: ليبيا وسوريا وسيناء.

ولم يعد غريبا أن ترى في اليمن أو ميدان التحرير الرايات السوداء المعبرة عن تنظيم القاعدة. وليس من المصادفة أن تحدث عملية اغتيال السفير الأميركي في بنغازي والمظاهرة الكبرى أمام السفارة الأميركية في القاهرة، في يوم 11 سبتمبر (أيلول)، أي في ذكرى مرور 11 عاما على جريمة الاعتداء على الولايات المتحدة. وليس من المصادفة أيضا أن تكون أعلام تنظيم القاعدة مرفوعة أمام أسوار السفارة الأميركية يوم الثلاثاء الماضي.

وليس غريبا أن نشاهد على شاشات التلفزيون العربات المدنية نصف النقل اليابانية المزودة بمدافع آلية تقودها وحدة ملثمة ترفع فوق مدافعها أعلام «القاعدة».

إن «القاعدة» كتنظيم مركزي له قيادة موحدة تدبر حركة العنف والعمليات الإرهابية في العالم، شهد تغييرا نوعيا بعد اغتيال قائده الشهير أسامة بن لادن، وأصبح التنظيم في عهد الدكتور أيمن الظواهري يتبع أسلوبا جديدا يقوم على الانتشار الواسع القائم على التجزئة والتفتيت في كل نقاط التوتر العالمية.

سياسة التجزئة والتفتيت المعتمدة على الوحدات الصغيرة تصعب من مهمة التعقب والقدرة على التعامل معها من قبل الجيوش النظامية أو أجهزة الاستخبارات التقليدية.

هذا الوضع سوف يخلق حالة من الاضطرابات والفوضى لا يمكن السيطرة عليها ليس في زمن الربيع العربي؛ ولكن في ما بعد ذلك.

ومحاولات الاغتيال الحالية ضد مسؤولين في اليمن بعد تغيير النظام، وعملية بنغازي عقب سقوط نظام القذافي، ومظاهرات السفارة الأميركية عقب وصول الرئيس مرسي للحكم، دليل على أن «القاعدة» مستمرة كفصل جديد في مرحلة ما بعد الربيع العربي.