من سيستفيد من حريق السفارات؟

TT

في 1998 أمر الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون بضرب معسكرات لـ«القاعدة» وأسامة بن لادن في أفغانستان صاروخيا، وتم إطلاق ستة صواريخ وقتها، وعلى أثرها هبت عاصفة بواشنطن تتهم كلينتون بافتعال أزمة للهروب للأمام من فضيحة مونيكا، ووصف تصرف كلينتون بأنه «تحريك ذيل الكلب»، أو «واغ ذا دوغ» المأخوذ من عنوان، وقصة، الفيلم الأميركي الشهير بعام 1997.

اليوم المشهد نفسه يتكرر في منطقتنا، وتحديدا بإحراق السفارات الأميركية؛ فالواضح أن هناك من ينوي الاستفادة من حالة الغضب الضاربة بمنطقتنا، وبالطبع فلا خطأ في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا أسمى شرف، ولكن ليس بالطريقة التي يعالج بها الاعتراض على الفيلم المسيء. وللأسف فإن المستفيدين مما يحدث في منطقتنا كثر، فهناك حكومات دول الربيع العربي، و«الإخوان»، وإيران، وبشار الأسد، والصدر، وحزب الله، و«القاعدة»، وروسيا، وحتى أوباما نفسه. والمسألة بسيطة، فمن أين تريدوننا أن نبدأ.. إيران، مثلا؟ فهل يعقل أن تخرج المظاهرات في طهران منددة بالفيلم المسيء للرسول، بينما تعتزم إيران نفسها إنتاج فيلم عن النبي محمد، وتم اختيار شخصية إيرانية لتجسيد دور الرسول فيه لأول مرة بالتاريخ، ومن أجل تقديم رؤية مخالفة للرؤية السنية؟ فهل هناك نفاق أكثر من هذا؟

وبالنسبة للأسد فقد جاءه الفيلم المسيء كطوق نجاة، وإلى حين، وكما يقال بالعامية «هو وشطارته»، أي كيف يختار الأسد عملية الهروب للأمام على الرغم من قتله قرابة 27 ألف سوري؟ فالعالم مشغول بإحراق السفارات وليس قتل السوريين الأبرياء، وها هي موسكو تتشفى بواشنطن، دفاعا عن الأسد، حيث يقال بموسكو إن سياسة هيلاري كلينتون هي التي أوقعت سفاراتها بعين العاصفة، التي لا تشكل طوق نجاة للأسد وحده، بل إن «القاعدة» من أكبر المستفيدين، فعكس ما اعتقد الغرب، أو مجلة «تايم» الأميركية التي خرجت بغلافها الأخير بعنوان «انتهاء القاعدة»، فالحقيقة أن التنظيم الإرهابي يعيش لحظة انتشاء مجنونة اليوم، فالمتظاهرون بالكويت يرددون «أوباما كلنا أسامة»! أما «الإخوان»، فها هم يحاولون بالأردن إدراك ما فاتهم بالربيع العربي، ويحاولون تعزيز مواقفهم بالأردن المشغول بتدبر أمر اللاجئين السوريين، وتهديدات الأسد! والأمر نفسه ينطبق على الصدريين الذين يريدون تعزيز مواقعهم مقابل المالكي! وهناك دول الربيع العربي التي تريد الهروب من أزماتها الداخلية، فالجميع يريد الاستفادة من أزمة فيلم نكرة، أقل من أن يسيء لمقام المصطفى عليه الصلاة والسلام، الذي لا يمكن أن يكون الدفاع عنه بالحرائق، والقتل.

أما بالنسبة لأوباما فالقصة أكبر، خصوصا فترة الانتخابات الرئاسية، فأمامه الآن عدة سيناريوهات للهروب للأمام، حيث يمكنه الهروب من قصة الاقتصاد المتردي، وسوريا، وكذلك صفع من انتقدوه على «القيادة من الخلف» بليبيا، وحتى لو تصيد الجمهوريون عثراته، خصوصا عندما قالت السيدة هيلاري بأن الثورات لم تحدث ليستبدل بالديكتاتوريين الغوغائيون، فمن حسن حظ أوباما أن ليس لديه منافس ثقيل، وخصوصا إذا قيل له إنه هو من صعد بـ«الإخوان» بمنطقتنا.

وعليه فهذا هو الحال الآن، فمن ينتبه؟ الواضح أنه لا أحد!