كلمة البابا.. «عظة بلا مواقف»

TT

تابعت بالأمس كلمة البابا بنديكتوس السادس عشر بابا روما، في القصر الجمهوري ببيروت أثناء زيارته الهامة للبنان.

ولا بد لي، مع شديد الاحترام لقداسته، أن أعرب عن خيبة أملي الكبرى في محتوى الكلمة التي ألقاها في تلك الفترة الحرجة والدقيقة التي تمر بها المنطقة وتمر بها العلاقات بين الأديان.

الكلمة في مضمونها وصياغتها لا تعدو أن تكون «عظة أحد» في كنيسة من كنائس الكاثوليك في العالم، تتحدث بشكل عام ومبدئي وأخلاقي وروحاني عن شؤون الحياة.

وقد يسألني سائل إذن ماذا كنت تتوقع؟

أرد قائلا: كنت أتوقع أولا أن تكون رسالة البابا من لبنان لا تقل قوة وحكمة وعمقا عن رسالة سلفه الراحل البابا يوحنا بولس الثاني الذي صك مصطلح «العيش المشترك» في لبنان، وهاجم الطائفية والعنصرية البغيضة، وأعطى تعليمات لقيام الفاتيكان بدراسات موسعة في ملف المصالحة اللبنانية، وأيضا كان ليوحنا بولس الثاني موقف صريح مع المضطهدين في العالم، وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني.

ثانيا: كنت أتوقع أن يضيف قداسة البابا سطورا تواكب الحدث الجلل الذي يهز العالم الآن، وهو المظاهرات التي تعم العالمين العربي والإسلامي احتجاجا على الفيلم المسيء للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.

كنا سنقدر لو أدان أرفع رجل دين مسيحي في العالم أي تعريض أو إساءة لأي نبي أو رسول من رسل الله سبحانه وتعالى.

ثالثا: تجاهل البابا من بيروت وهو على بعد عدة أمتار من دمشق أن يعلن استنكار كنيسته ورفض ضميره الإنساني وحسه الأخلاقي كل هذه المجازر التي تتم ضد المدنيين في سوريا.

رابعا: لم يقدم البابا أي مبادرة حوار عالمية إقليمية للتقارب بين الأديان والمذاهب.

باختصار لم يكن البابا بحاجة إلى السفر والترحل والانتقال من أوروبا إلى الشرق، وكان يمكن أن يلقي هذه «العظة» عبر أجهزة التلفزيون عبر نافذته الشهيرة في الفاتيكان.

وعلى الرغم من حرص البابا على الحديث عن «الشرق» ككل وليس عن لبنان فحسب، فإنه لم يلاحظ الفارق الجوهري بين رؤية سلفه عام 1997 والتطورات الجذرية التي يشهدها الشرق عام 2012.

رسالة أقرب إلى عظة، وزيارة أقرب إلى بروتوكول، وموقف أقرب إلى تجنب اتخاذ أي موقف!!