رسالة إلى (راشد الماجد)

TT

مثلما يصطفي الإنسان بعض أصحابه أو أقاربه أو معارفه عن سواهم من الكثرة الكاثرة، كذلك هو الكاتب مع قرائه. فأنا على سبيل المثال ككاتب هاو - أو بمعنى أصح (مهوّي) - أصطفي منهم أخي الأستاذ فؤاد محمد، وهو الأثير إلى قلبي، رغم (خربشاته) التي لا تجرح أحيانا.

ومن ملاحظاته الصائبة على شخصي (الكراكتر) أنه تأكد بالدليل القاطع أنني من هواة تلبية الدعوات على أي مائدة عامرة كانت، ومن أي شخص كريم كان، وهو بملاحظته تلك قد وضع إصبعه على نقطة ضعفي، أو بمعنى أكثر دقة وباللهجة المصرية المحببة والعبقرية فهو بالفعل قد (فأسني) - أي فقسني.

وهذه تهمة لا أدفعها، وشرف لا أدعيه، (وولد العجوز) هو الذي يتبرأ منها، كما أنني أرى أن تلبية الدعوات والعزائم هي قمة الذكاء، إلى جانب الاحتفاظ بالقرش الأبيض لليوم الأسود، فليس هناك أروع من أن تذهب إلى أي مناسبة حافلة وجيبك خالي الوفاض من أي عملة نقدية، ولكي أكون صادقا أعترف أنني لا أخرج من بيتي إلا ويكون في جيبي عشرة ريالات بالعدد فقط لا غير - وهي للطوارئ القصوى - وذلك لكي أشكم نفسي الأمارة بالسوء، عندما تهفها غريزة الشراء للي يسوى واللي ما يسوى والعياذ بالله.

وفي الليلة البارحة كسرت ذلك التقليد، أو بالأحرى أرغمت على كسره عندما داهمني على حين غرة في منزلي ثلاثة من الأصدقاء أو (الأعدقاء) الذين هم أكره عندي من دم ضروسي، ولكنني اضطررت أن أطبق المثل الشعبي القائل: إذا كان (عشاك مأكول مأكول فرحب)، لهذا رحبت بهم بابتسامات صفراوية، ولو كان الهوا هوايا لقذفت بهم خلف الشمس الواحد تلو الآخر.

وأمري لله، أخذتهم للمجلس الخارجي في فناء منزلي الذي لم يفتح بابه منذ أكثر من سنة، وكنت عاقدا العزم على أن أضيفهم بإبريق كبير من الشاي المعتق ولا شيء غيره، غير أن أهل بيتي فاجأوني ونكدوا علي بكرمهم المسرف عندما أرسلوا لنا صينية ممتلئة (بالنواشف) من جبن وعسل وزيتون وزعتر وطرشي مع قليل من (البابا غنوج).

وجلسنا متحلقين أمام التلفزيون الذي تعمدت أن يكون على محطة إخبارية ممتلئة بصور التفجيرات والمجازر التي تجري في سوريا، على أمل أن هذا سوف يطفشهم ويسارع برحيلهم.

غير أن واحدا من هؤلاء الأصحاب - ويبدو أن نفسه خضراء أكثر من اللازم - عندما تناول (الريموت كنترول) وأخذ يبحث في المحطات حتى ثبتها على قناة (الوناسة)، وأي وناسة (!!).

الله لا يوريكم على الأشكال المزرية من رجال مشوهين يرقصون مع كل أغنية برقصات خليعة منفرة، وإنني أستغرب من فنان يفترض أنه راق كالمطرب (راشد الماجد) الذي هو صاحب القناة، كيف لم يفطن لهؤلاء الراقصين الذين يبعثون على الغثيان ويوقفهم عند حدهم، ويعتقنا منهم؟

والغريب أن في مجلس الوناسة الكثير من البنات الحسناوات اللواتي لا وظيفة لهن غير التصفيق والهز وهن جالسات يا حسرة عيني ويا فطر (تشبدي) - أي كبدي.

يا أخي راشد إذا كان يحرجك ألا ترقص النساء فليكن (وبقريح)، ولكن ما ذنب المشاهدين حتى تقرفهم بهؤلاء الراقصين الذين يهزون مؤخراتهم كالقردة المتخلفة؟! وإنني بهذه المناسبة أدعو كل من يقرأ كلامي هذا أن يبحث عن تلك المحطة لكي يتأكد أنها بحركات راقصيها تلك، تتحول من وناسة، إلى (سخافة).

[email protected]