تفضل حلّها.. يا عيتاني

TT

أنا من الذين يأخذون أحمدي نجاد على محمل الجد، لأسباب كثيرة، عامة وخاصة. العامة بديهية، وهو أنه رئيس إيران. والخاصة أنني أكن إعجابا لقدماء إيران ومعاصريها، مثل الرئيس محمد خاتمي، والفردوسي، و- مع الاعتذار الشديد - عمر الخيام. وأقر بأن الإعجاب بالخيام ليس تلقائيا وإنما هو بسبب ترجمة أحمد رامي وغناء أم كلثوم، وتفضل قاوم إذا كان في مقدورك أن تقاوم.

وكان في لبنان ذات مرحلة محاميان من ألمع الخطباء، هما بهيج تقي الدين ونصري المعلوف. وقد ترافعا مرة في قضية واحدة أمام قاض بيروتي من آل عيتاني. فكان إذا تحدث تقي الدين انبهر العيتاني واقتنع بالدفاع. وإذا حكى المعلوف ذهل العيتاني واقتنع بجرم المتهم. وما بين الاثنين ضاع القاضي المحب للبلاغة، فضرب يده على الطاولة، وقال الجملة التي ذهبت مثلا: تفضل احكم يا عيتاني.

ينام كل منا ويفيق كل يوم على أمل أن يسمع بحل في سوريا. أي حل. وعندما ذهبت إيران إلى اللقاء الرباعي في مصر، قلنا لعل وعسى. وعلى الرغم من اقتناع الكثيرين أن إيران سبب في المشكلة وليست عنصرا في الحل، فقد رأى كثيرون أنه لا حل من دونها، ومن بينهم الدابي، والوسيط الأول كوفي أنان، والوسيط رغما عنه، الأخضر الإبراهيمي. وعلى الرغم من فداحة المأساة، فإن مهمة الإبراهيمي تذكر بمسرحية موليير «الطبيب رغم أنفه».

أنا من الفئة التي تعتقد أن في دور إيران شيئا من قول المتنبي: «فيك الخصام وأنت الخصم والحكم». والحكم يذهب إلى دمشق ويعود، كما كان الباهي الأدغم يذهب إلى بيروت ويعود أوائل حربها، حتى قال كمال ناصر قصيدته الشهيرة: «ترلم ترلم ترلم، قد جاء (أو عاد) الباهي الأدغم».

من موقفي المتواضع هذا حاولت أن أتابع مواقف إيران من أدمى أزمات العرب، فإذا بنا نعرف أن الرئيس أحمدي نجاد يريد أن يضم إلى لجنة الحل في سوريا اثنين من القادة المؤثرين في العالم: السيد نوري المالكي (وليس الرئيس العراقي) والرئيس الفنزويللي هوغو شافيز.

وأما لماذا المالكي فلا حاجة للشرح، إنه «زعيم دولة القانون» ونموذج التسامح في العراق ورمز وحدته الأعلى. لكن شافيز بأي صلة نكبده مشقة السفر نحو عشرين ساعة في طائرة خاصة وهو الذي لا يشاهد إلا وهو يقود سيارة جيب أو راكبا في شاحنة. لماذا المقدم شافيز على الرغم من شراكته الموازية (فيفتي فيفتي) في محاربة الإمبريالية ومقارعتها؟ إن في سوريا نحو مليوني لاجئ وعند المقدم شافيز 4 أو 5 ملايين لاجئ من كولومبيا المجاورة. أليس من الأفضل أن يبدأ في حل مشكلته؟ تفضل.. حلها يا عيتاني.