لا تضيعوا وقتكم مع سوريا!

TT

لا أعتقد أن الحوار التركي الإيراني الذي تم في القاهرة برعاية مصرية سوف يؤدي إلى شيء مفيد في مهمة الأخضر الإبراهيمي الخاصة بالتوصل لتسوية ملف الصراع الدموي في سوريا.

وقد يقول لي قائل: الأزمة في سوريا ذات أبعاد إقليمية بشكل عميق، مما يجعل حوار الأطراف الإقليمية ضرورة قصوى، واجتماعها إن لم ينفع فلن يضر.

والذي يتعلمه الإنسان من الدروس المستفادة في علم إدارة الأزمات أن هناك أسئلة جوهرية وتأسيسية لا بد من التوقف أمامها قبل الإقدام خطوة واحدة على أي تحرك في أي اتجاه، وهي:

1) هل «تعرف» الأطراف حقيقة الأزمة؟

2) هل «تريد» الأطراف حل الأزمة؟

3) هل «تقدر» الأطراف على دفع فاتورة تسوية الأزمة؟

إذن نحن أمام مثلث: المعرفة، ثم الرغبة، ثم القدرة.

إن صح ذلك فنحن بلا شك أمام حائط مسدود تماما ونحن نتعامل مع ملف الصراع الدموي الدائر الآن في سوريا.

الرئيس السوري بشار الأسد: «يعرف» الأزمة - فقط - من رؤية أحادية مصابة بجنون عظمة وسوء تقدير للموقف مبني على واقع افتراضي لا علاقة له بأرضية الواقع.

وإذا وصلنا إلى نقطة «الرغبة» في التسوية، فإن هناك بالفعل رغبة ولكن قائمة على شروط المنتصر، وهو في رأيه «السلطة الحاكمة»، بينما يجب أن يدفع المهزوم «أي المعارضة» كل فاتورة ما حدث!

ونأتي إلى آخر النقاط وهي القدرة على التسوية، وهنا سوف أتجاوز المنطق والوقائع والحقائق السابقة واللاحقة وسوف أفترض، لمجرد الافتراض النظري البحت، أن الرئيس بشار الأسد «يعرف» الأزمة بمنظور محايد تماما، ولديه كل الرغبة الصادقة التي تضعه في مصاف الأولياء والقديسين في التوصل إلى تسوية، فهل بعد ذلك كله، لديه «القدرة»؟

الإجابة الحاسمة: «لا وألف لا» لأن قرار الرئيس بشار ليس في يده ولكن في يد الأسرة الأسدية وآل مخلوف وكبار أعضاء الطائفة العلوية وأنصارهم من رجال الأعمال السنة.

كل هؤلاء ارتبطت مصالحهم بالنظام، ولا يمكن أن يسمحوا له بالرحيل كي تتسلم المعارضة، إلا في حالة واحدة وهي أن يكون بديل الأسد الحالي أسد آخر من الطائفة!

لذلك مهما كان دور تركيا الإقليمي وحساسيتها الجغرافية تجاه سوريا، ومهما كان التحالف الاستراتيجي الحديدي بين طهران ودمشق، فإن: «المعرفة» و«الرغبة» و«القدرة» عند الدكتور بشار الأسد هي العناصر الحاسمة والقاضية على أي تفاهم إقليمي!