نبي الهدى

TT

في تاريخ البشرية رجال غيروا وجه الحياة على الأرض؛ واختلفت درجات تأثيرهم من حيث المدة الزمنية لأثرهم، والحد المكاني لتأثيرهم، وأخيرا طبيعة التأثير وهل هو بالإيجاب أم بالسلب؟ ومن خلال هذا المثلث – المدى الزمني والمكاني وطبيعة التأثير - يأتي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم على رأس المؤثرين في تاريخ الإنسانية؛ فرسالته صلى الله عليه وسلم بلغت مشارق الأرض ومغاربها وما من بقعة على الأرض إلا ووصلت دعوته صلى الله عليه وسلم، كذلك فإن مع لحظة ميلاده وقبل رسالته بأربعين عاما بدأ تأثيره الإيجابي، الذي استمر بعد الرسالة ونزول الوحي وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا وحتى يرث الله الأرض ومن عليها سيستمر تأثيره صلى الله عليه وسلم. أما عن طبيعة التأثير فينبع من مبادئ الدين الإسلامي، دين السلام وإعلاء مكارم الأخلاق، والقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الجامع الشامل لكل ما جاء من قبله في الكتب السماوية وبالقرآن اكتمل القانون الإلهي على الأرض ليرسم حياة سوية للبشر، أما سنته صلى الله عليه وسلم فهي علاج لأمراض البشر المزمنة والتي تبعدهم عن المعنى الحقيقي للحياة على الأرض. والمتمعن في سيرة من حققوا السنة النبوية ودرسوها يجد علماء عاشوا يتذوقون شهد السنة النبوية وماتوا متشوقين للقاء ربهم وجمعهم بحبيبهم محمد صلى الله عليه وسلم. ستكتب ملايين المؤلفات عن حياته وسيرته صلى الله عليه وسلم ولن تعطيه حقه ومكانته وذلك لأننا ككتاب ومؤرخين وعلماء لاهوت محصورين داخل قواميسنا اللغوية محدودة الكلمات والمعاني؛ ولا ضير في ذلك فلقد أعطاه المولى عز وجل حقه وقدره ومكانته خاتما للأنبياء والمرسلين.

نأتي لموضوع الفيلم المسيء فقط لهؤلاء الجهلاء الذين أعماهم الحقد فسنجد أن من مثلوا فيه تبرأوا منه وبدأوا في رفع القضايا على المنتج، والأخير مهدد بدخول السجن لاختراقه عدة قوانين فيدرالية مرتبطة بالنصب عن طريق الإنترنت، كذلك عبرت الإدارة الأميركية بكل وضوح عن عدم ضلوعها بأي شكل من الأشكال في صناعة هذا الفيلم ولنا أن نصدقهم فالفيلم من نوعية أفلام بئر السلم لا علاقة له بصناعة السينما حتى في بلاد تعيش القرون الوسطى!

حقا رد الفعل في العالم الإسلامي سيجعل كل حاقد وجاهل يفكر ألف مرة قبل الإقدام على إهانة معتقداتنا؛ ولكننا خسرنا الكثير والكثير وعكسنا ما ليس في ديننا؛ السفارات الأجنبية ببلادنا والعاملون بها والمقيمون بيننا ارتبطوا معنا بعقد أمان يلزمنا بحمايتهم؛ ولا ننسى ما قاله رسولنا الكريم «ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس: فأنا حجيجه يوم القيامة» رواه أبو داود.

أختلف مع القائلين بأن تكليف الرئيس محمد مرسي للسفارة المصرية في واشنطن برفع القضايا على صانعي الفيلم هو إجراء غير مجد! فعلى العكس تماما لو قامت كل سفارات الدول الإسلامية برفع دعاوى مختلفة على صانعي الفيلم والمشاركين فيه للأذى النفسي وما أصابنا من امتهان لمعتقداتنا وتضرر الملايين للتعدي على حريتهم في الدين والاعتقاد لتحولت حياة هؤلاء الحقدة إلى جحيم ولأصبحوا عبرة لمن يفكر في النيل منا ومن ديننا. ولذلك فإنني أرى أن قرار الرئيس محمد مرسي بمقاضاة أعداء الإسلام أحد السبل المشروعة لنا. فداك نفسي وأبي وأمي يا رسول الله.