من طرائف الحاخاميات

TT

يقضي رجل الدين اليهودي (الحاخام) جل حياته في دراسة التلمود والتوراة والمشنة ونحوها من الموسوعات الموسوية وكل ما ترتب عليها من شروح واجتهادات وفتاوى. أدت الضغوط والمصاعب التي واجهتها الطائفة اليهودية إلى الاعتماد على الحاخامين في توجيههم لتخطي هذه المصاعب دون الوقوع في الإثم والكفر، وأغلبه من باب «إذا ضاق الأمر اتسع»، وكذلك «الضرورات تبيح المحظورات». وبروح النكتة التي اشتهر بها اليهود غالبا ما تضمن ذلك الكثير من الطرائف والملح والمفارقات.

حاول اليهود تاريخيا وحاخاموهم بصورة خاصة، تحاشي زج أنفسهم في أمور السياسة والحكم بالوقوف على التل. وهذا ما حصل بعد انقلاب عبد الكريم قاسم في العراق. ذهب رئيس الحاخامين العراقيين، ساسون خضوري، لزيارة الزعيم الأوحد أسوة بسائر رؤساء الطوائف العراقية الأخرى من باب التهنئة والمجاملة. فسأله عبد الكريم قاسم «كيف تشوف تغير الأحوال في العهد الثوري الجديد؟»، فأجابه الحاخام: «سيدي هالعهد وين وذاك العهد وين!». قال ولم يضف كلمة واحدة أخرى تفسر ما يعنيه!

كانت كلمة الحاخام ساسون في الواقع مستوحاة من تقليعة أخرى عن إرشادات الحاخامين. اعتاد الموسويون أن يذهبوا لاستشارة الحاخام المحلي عند حلول العام الجديد. كيف سيكون العام الجديد. دأب الحاخام على إعطائهم نفس الجواب: «هالسنة راح تكون سنة». فإذا جرت الأمور في خير قال لهم بوجه بشوش منتصر في نهاية السنة «ما أنا قلت لكم هالسنة سنة!» وإذا ساءت الأمور، اجتمع بهم بوجه كئيب يحذرهم: «شفتوا! أنا قلت لكم هالسنة راح تكون سنة».

من المعتاد لأبناء الطائفة أن يستفتوا الحاخام في كل صغيرة وكبيرة. ذهب أحدهم إليه يشكو من حياته العائلية قائلا «يا سيدي أنا راح أنجن! زوجتي تخاصمني طول النهار والأولاد ما ينقطع صراخهم وحماتي تتعارك مع أمي. رأسي راح ينفجر من الضوضاء والضجيج والصياح». نصحه الحاخام بأن يأتي بكلب للبيت.

فعل ذلك، وجاء للحاخام بعد شهر «سيدي أنا أكيد راح أنجن، كل هالصراخ والصياح بالبيت والكلب ينبح ويعوي. راح أنجن. راح أقتل نفسي!». أجابه الحاخام قائلا تخلص من هذا الكلب.

مضى شهر على ذلك وصادف الحاخام فسأله كيف أحوالك ولدي أبراهام؟ قال مستبشرا «تمام! الحمد لله. وأشكرك عالنصيحة. تخلصت من الكلب ونباحه واليوم رأسي صاف وأقدر أفكر وأشوف دربي!».

والتقليعة وراءها حكمة، وهي أن الحياة درجات ومقارنات. يوم السبت يسبب دائما مشكلات لليهود. وهو ميدان ظريف لفتاوى الحاخامين. هرع الخادم إلى سيده الحاخام يقول «سيدي ديك وقع في التنور». أجابه: اتركه. النهار سبت ولا يجوز أي عمل. فقال له الخادم، ولكن سيدي هذا الديك ديكك المفضل. مسك الحاخام لحيته وفكر قليلا ثم قال: «اسحبه من التنور لكن من ذيله!».