متى يحترم الناس العرب؟

TT

هل في تاريخك القديم أو الحديث رأيت على أي شاشة من شاشات التلفاز العربي مسؤولا أو إعلاميا يقول في معرض الإجابة عن سؤال: «في الحقيقة أنا لا أعرف» أو «سوف أبحث في هذا الموضوع وأعود لكم بالإجابة»، أو «في الواقع لست مؤهلا للإجابة عن هذا السؤال»؟

نحن أمة من العباقرة، نمتلك ناصية الحكمة ولدينا داخل جوانب عقولنا كل فروع المعرفة الحديثة بكافة تفاصيلها!

كم سيارة انتهى عمرها بسبب إصرار ميكانيكي فاشل وجاهل على إصلاحها دون اطلاعه على «الكتالوج الهندسي» الخاص بها؟

كم طباخ تسبب في إفساد دعوات غداء وعشاء لأنه أصر على أنه خبير في الطهو الصيني أو أنه خير من يصنع الكبسة، أو كونه بطل العالم في طهو الملوخية وهو يجهل تماما أي شيء من أنواع تلك الأطعمة؟ كم جنرال قاد معارك محلية أو إقليمية في عالمنا العربي وهو لم يحضر مناورة واحدة وليست لديه أية دراسات عليا في إدارة المعارك أو الاستراتيجيات الحربية؟

وتقول الصحف إن أجهزة الأمن في عدة عواصم عربية تضبط عشرات من الأطباء الجراحين المزيفين الذين يفتحون عيادات في أفخم البنايات ويقومون بعلاج أمراض مستعصية بل ويجرون جراحات وهم لم يستكملوا بعد دراستهم الثانوية!

أما في إعطاء الفتاوى الدينية في أمور أساسية وبالغة التأثير على حياتنا، فحدث ولا حرج، فهذا يزوج تلك، وذاك يقضي بطلاق فلان من فلانة، والآخر يدخل في توزيع المواريث، والأخير يفتي في ضرورة إعلان الجهاد على الحاكم أو على الأميركان، دون أي سند شرعي، ودون أي تاريخ عملي يؤهله لحق الفتيا في شؤون الناس!

أما شاشات التلفزيون الرياضية، فإن الجميع قد ولد من المهد وهو خبير عالمي في كرة القدم ينتقد الحكم واللاعب والجمهور والفيفا واتحاد الكرة المحلي والنقاد والمعلقين!

«في أوروبا والدول المتقدمة» على حد وصف فيلم «الإرهاب والكباب»، فإن المجتمع لا يسعى إلى تلك الثقافة الموسوعية التي ندعي نحن معشر العرب الإلمام بها، ولكن كل إنسان يتميز بأن لديه تخصصا واحدا دقيقا يسعى دائما وأبدا إلى التميز فيه والغوص في أعماق أعماقه.

حينما نصل إلى حالة تخصص التخصص في العلوم والمعارف والأبحاث يمكن أن ننهض ونصبح أمة يحترمها الناس.