غضبة نصر الله العرمرمية

TT

لم يفوّت سيد المقاومة، والذائب في حب الخميني، حسن نصر الله، زعيم حزب الله، الجناح اللبناني الموالي لإيران، الفرصة للدخول على خط الأزمة الحادة على خلفية الفيلم المسيء للإسلام.

وحتى يعطي خطبته ملمحا خاصا وتشويقا استثنائيا، خصوصا أنه أكثر من الخطب في الفترة الأخيرة، ولكن عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، اختار الظهور العلني أمام أنصاره في ضاحية بيروت «المستقلة». ظهور علني يشير إلى علانية المعركة وسقوط أقنعة كثيرة.

نصر الله، وهو الخطيب الشعبوي العارف بعواطف الجماهير جيدا، واللاعب على أوتارها، اختار التصعيد والحماسة وإثارة العاطفة الدينية، افتعالا لتشتيت الأنظار عن المعركة الحقيقة في سوريا، والإساءة الكبرى واليومية والدموية لكل قيم الإسلام، بل كل قيم الإنسانية.

مناورة كان عادة ينجح فيها حسن نصر الله، وقد نجح طيلة عصر «الممانعة والمقاومة» وهرول خلفه كثيرون من الإخوان والثورجية العرب، هذه المرة خانه التوقيت، وكشف الغطاء عن الأعين على وقع المجازر المرعبة التي يرتكبها رفيقه «رفيق السلاح» بشار الأسد في الشعب السوري الحر. حتى إن زبانية الأسد وشبيحته، وفي عشرات المقاطع المصورة كانوا يرغمون الأسرى من السوريين على النطق بكلمات الكفر وأن ماهر وبشار الأسد هما الإله الأعلى، في ممارسة طقسية وثنية دموية. لكن هذا الأمر كله لم يكن جديرا من سيد المقاومة بظهور علني وغيرة ساخنة.

في ظهوره الأخير يخطب نصر الله فيقول: «ليرَ العالم كله الغضب في وجوهكم، وقبضاتكم والصرخات، يجب أن يعرف العالم كله أن لهذا الرسول أتباعا لن يسكتوا على المذلة، ليكن الصراخ قويا ومجلجلا، لبيك يا رسول الله».

وهو تسخين متعمد ومفتعل، يريد منه نصر الله الذهاب فيه إلى أقصى حدود الغضب، والقبضات المشدودة، ويترتب على ذلك طبعا إبعاد الاهتمام عن المأساة السورية، والحجة هي الغيرة على الإسلام ونبي الإسلام!

هذه مناورة مكشوفة حتى إنها لم تنطلِ على خطيب إسلامي موغل في المحافظة والتدين مثل النائب السلفي المصري ممدوح إسماعيل، الذي قال في تعليق له لصحيفة «اليوم السابع»: «حزب الله اللبناني يسعى لاستثمار الفيلم الأميركي المسيء لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، لصالح نظام بشار الأسد الذي يستخدم العنف ضد شعبه».

خطير ورخيص ما يفعله أمثال حسن نصر الله، وهم كثيرون من السنة والشيعة، ومن كل الأديان، في تحويل القيم الأخلاقية العليا للأديان إلى أدوات صراع سياسية وتحقيق مكاسب سريعة اعتمادا على استثارة الجانب الديني الوجداني العميق لدى الإنسان.

قديما، قبل نحو قرنين من الزمان، قال شاعر شعبي حكيم من وسط الجزيرة العربية، هو محمد ابن لعبون في ذم تجار الدين، وليس التقاة الصادقين:

أهل العمايم والنمايم والأصحاب

مد الحبل في ذمهم واحتطب به!

[email protected]