آخر دعواي.. أن الحمد لله رب العالمين

TT

استغل بعض الأذكياء ولا أقول الكذابين والدجالين، أقول إنهم استغلوا بعض سذاجة الناس وضحكوا على عقولهم باعتبارهم يأتون بالخوارق والمعجزات.

والمعجزات لا يأتي بها إلا الله تعالى الذي خص بها أنبياءه المصطفين، فمنهم من دخل النار ولم يحترق، ومنهم من دعا ربه على قومه الظالمين فخسفت بهم الأرض، ومنهم من أخرج الناقة من الصخرة، ومنهم من مكث في بطن الحوت زمنا ثم خرج سليما معافى، ومنهم من شق بعصاه البحر فانفلق نصفين وسار هو بقومه في أرض سهلة يابسة، ومنهم من أحيا الموتى بأمر ربه عز وجل.

ثم بعد ذلك أتت المعجزة الكبرى وهي (القرآن) الذي نزل على سيد الخلق محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، أقول: إن مثل تلك المعجزات لن تتكرر حتى لو أتى البشر ظهيرا عن ظهير إلى أن تقوم الساعة.

وإليكم بعض هذه الحكايات أو (التدليسات) فيقال: إن أحد أئمة اليمن القدماء عرف بشكل أو بآخر مادة (الفوسفور)، فدهن وجهه ويده بها، فإذا هو بالليل الأظلم يبدو كأنه بدر الدجى المضيء، فتهافت عليه الجهال معتبرين ذلك من المعجزات، وأخذوا يقبلون أعتابه الكريمة، ولا شك لو أنني كنت معهم في ذلك الزمان لفعلت فوق ما فعلوا.

وأصدقكم القول إنني في يوم من الأيام كنت أجهل من هؤلاء الجهال، وذلك عندما شاهدت معجزة ماثلة أمامي، ولم أملك إزاءها إلا أن أقول: سبحان الله، سبحان الله لا شك أن هذه شجرة مباركة، ولولا قليل من الإيمان لتمسحت بها، وعلقت عليها التمائم، وعليكم أن لا تستعجلوا بالسؤال عن كنه تلك الشجرة.

والحكاية وما فيها أن أحد الموظفين في سفارتنا لدى سويسرا، أخذ بيدي وانصعت له كأي طالب علم، وذهب بي إلى قرية يقال لها (غونتن) على ضفاف بحيرة (تون)، وإذا به يقف بي أمام شجرة ضخمة في منتصف جذعها العريض (بزبوز أو حنفية) يخرج منها الماء بشكل متدفق ومستمر على مدار الساعة.

الواقع أنني كأي بدوي أو قروي شدهت ولم أصدق عيني، كان الرجل بجانبي يضحك ويفرفر ويسألني عن رأيي بهذه المعجزة وأنا لا أرد عليه إلا بسبحان الله، سبحان الله، هل أنا في حلم أو علم؟!

وبعد أن تعب هو من ضحكاته وفرفراته على سذاجتي المفرطة وجهلي المدقع شرح لي الواقع قائلا: اسمع يا شاطر إنه لما مدت أول شبكة أنابيب للمياه في هذه القرية، شد أحد الأنابيب إلى عامود خشبي أخضر يانع، ومن دون أن يتوقع أحد ذلك، أرسل هذا العامود جذورا في الأرض، ونما كشجرة، وفي طور النمو أصبح الأنبوب جزءا لا يتجزأ من جذع هذه الشجرة الذي يستمر في التدفق كما لو كان في الشجرة ينبوع ماء لا ينضب، وله على هذا الحال أكثر من (80) سنة، فهمت الآن ولا أنت ما تفهم؟!

عندها لم أملك إلا أن أقول له: فهمت فهمت أيها القنصل، سبحان من يحيي العظام وهي رميم، وزدت بعدها إيمانا فوق إيمان، وما إن رجعت إلى فندقي الذي نزلت فيه حتى فرشت سجادتي التي لا تفارقني، وصليت ركعتين طالبا من ربي التوبة والمغفرة عن ذنوبي التي تتصيدني في كل مكان أذهب إليه، فيا الله يا أرحم الراحمين أبعدها عني، لقد ضقت ذرعا بها، أريد أن أعيش حياتي الباقية بسلاسة ودعة.

وآخر دعواي.. أن الحمد لله رب العالمين.

[email protected]