تلاقي الفرحتين في يوم الوطن

TT

ماذا يعني اليوم الوطني أو العيد الوطني لدولة بالنسبة إلى الذي في قمة السلطة وللمواطن الذي هو أحد شرايين الوحدة الوطنية التي هي بمثابة القلب في الجسم والدم في العروق.

بالنسبة إلى من يدير شؤون البلاد ويرعى أحوال العباد فإن حلول ذكرى اليوم الوطني هو لحظة من لحظات الفرح المضيئة له لكي يؤكد للرعية أنه كان عند حسن الظن به فلا هو متهاون في أمر يعنيها ولا هو مقصر في واجب يؤديه ويستهدف مصلحتها. كما أنه في حالة اليقظة لمواجهة أي اهتزازات تؤثر على الاستقرار وتحد من انطلاقة مسيرة الازدهار. وإلى ذلك فإنه الحارس الأمين للقلعة التي تزداد مناعة.

وبالنسبة إلى من يدير شؤون البلاد ويرعى أحوال العباد فإن حلول ذكرى اليوم الوطني هو لحظة تنبيه له بأن يستقصي، بل ويكثر من الاستقصاء، خشية أن يكون في الوطن مغلوبون على أمرهم ومظلومون دون تدقيق في حالات أوجبت التأديب، وكذلك خشية أن يكون هنالك من هم في حالة من العوز، أو أصحاب حاجة لا تقضى، أو مبتلون بمرض لا يجدون سبيلا للعلاج، أو عاطلون عن العمل لا يفضلهم الأرباب عن الأغراب، أو مغرَّر بهم قادهم التغرير إلى ارتكاب ما هو ضد وطنهم فضلا عن أنه ليس موضع رضا رب العالمين ورضا الوالدين والعشيرة، أو أعزاء قوم جار الزمن عليهم ويحتاجون إلى من ينتشلهم من وهدتهم، أو أشقاء من عرب ومسلمين استبد بهم العناد وبات لا علاج لهم سوى النصح والتنبيه، أو أصدقاء أجانب ارتكبوا من الأوزار ما بات من الضروري تحذيرهم أو حتى رفع منسوب مفردات الغضب أمامهم مواجهة أو عبر الرسائل ينقلها من هم أهل ثقة، أو حلفاء وعدوا لكنهم لم يَصْدُقوا وتلفظوا في لحظة غرور بما يتجاوز آداب التخاطب ولا طريق لردعهم سوى إعادة النظر في التعامل معهم وإن ببعض القسوة شرط أن لا تنعكس على الشعوب.

تلك هي القلائل من كثيرات يتزامن حضورها في بال من يدير شؤون البلاد ويرعى العباد عندما تقترب ذكرى اليوم الوطني للبلد الذي في عهدته مسؤولية عنه. أما بالنسبة إلى المواطن فإن هذا اليوم هو لحظة فرح حقيقي ما دام الأمان سائدا والكرامة محفوظة والدولة مستقلة والاستقرار ثابتا والمطالب مستجابة والضمانات حاصلة والخوف على المستقبل الشخصي مصونا، كما أن صون مستقبل الأجيال هو من أولويات «أجندة» الحكم. وتزداد لحظة الفرح هذه عند المقارنة بين أحوال بلده وأحوال الآخرين الذين يمارسون القيادة بروحية الاستبداد في زمن تنتشر فيه التغييرات النوعية على مستوى المنطقة، وفي مرحلة تبحر خلالها سفينة القائد الحكيم والربان الماهر عبد الله بن عبد العزيز التي هي من نوع سفينة نوح التي تتسع لمن خلاصه في الانتساب إلى كتيبة الصلاح والإصلاح لكن المستبدين لا يبادرون إلى ما يحقق الإنقاذ من أفعال السوء والإساءة. وبطبيعة الحال فإن المواطن المحتفي بذكرى جديدة لليوم الوطني لبلده عندما يكثر من التأمل فيما يحصل في المنطقة ويقارن بين هذه الأوضاع المزرية والأحوال الطيبة في بلده أن يشعر بالاعتزاز ويلتقي اعتزازه وفرحته مع اعتزاز وفرحة ولي الأمر الذي هو الربان البعيد النظر الذي يقود البلاد والمتمكن من إبقاء السفينة تواصل الإبحار في سكة السلامة نحو الهدف المنشود الذي هو إضافة المزيد من المناعة إلى البنيان الصامد. وهل هنالك فرحة تغمر النفوس أكثر من هذه الفرحة، وبالذات نفس خادم الحرمين الشريفين الذي خاطب الشعب ذات يوم بعبارة «أنا من دونكم لا شيء» ونفس ولي عهده الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي في كل مناسبة يتحدث فيها يستحضر أهمية الوحدة الوطنية التي هي العنصر الأهم في جوهر اليوم الوطني، وأحدث أقواله في هذا الشأن «نحن والحمد لله شعب واحد وأسرة واحدة لا تفرقة بيننا ولا تمييز. والحمد لله أن المملكة من غربها إلى شرقها ومن شمالها إلى جنوبها تنعم بالأمن والاستقرار». كما أن الذي قاله الأمير سلمان خلال لقائه بنخبة فكرية يوم الثلاثاء 29 مارس (آذار) 2011 ما زال حاضرا في وجدان من سمع ومن قرأ. وفي ذلك اللقاء الذي جرى في رحاب الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة قال في سياق محاضرة ألقاها: «لا يوجد أسرة أو قبيلة في هذه البلاد إلا ولآبائها أو أجدادها مشاركة فاعلة في توحيد البلاد وبنائها وتعزيز قوتها ورسالتها. والجميع في هذا الوطن جزء لا يتجزأ من هذا الإنجاز التاريخي لهذه الدولة المباركة وأسهم حقيقة في بنائها ووحدتها وتماسكها..».

يبقى القول إن هذه السطور هي قليل الكلام من الكثير الذي يمكن قوله عن الأحوال في المملكة العربية السعودية، وهي تحية من قلم أتعبته كثرة الكلام عن فواجع الأمة ويأمل أن يخفف من وطأة التعب فرح المملكة العربية السعودية شعبا وقيادة بذكرى اليوم الوطني وكيف أن الطيب الذكر القائد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وضع منذ البداية الأساس الصحيح للبنيان المتين. وهذا الفرح نشعر أنه يخص الأمتين كشعوب. أما القيادات فهذا أمر محكوم بالسلوكيات التي لا تخفى على المراقب المتجرد.