علاوي رئيسا للعراق؟

TT

قصة مهمة، لكنها ليست مفاجئة، تلك التي نشرتها صحيفتنا أمس نقلا عن صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية التي كشفت أن الرئيس الأميركي باراك أوباما حاول إقناع الرئيس العراقي جلال طالباني بالتنازل عن منصب الرئاسة للدكتور إياد علاوي بعد الانتخابات العراقية التي فاز بها علاوي بفارق صوت واحد عن نوري المالكي، لكن الأخير هو من أصبح رئيسا للوزراء.

أهمية القصة أنها تظهر كيف تعاملت الإدارة الأميركية بتساهل شديد مع مستقبل العراق بعد أن احتلته وأسقطت نظام صدام حسين، كما أنها تظهر أن الرئيس أوباما ما كان يثق أبدا بأن نوري المالكي سيكون رئيس وزراء لكل العراقيين، بل إنه «في تقدير إدارة الرئيس أوباما أن العراق مع علاوي، وهو شيعي علماني وزعيم تكتل يحظى بدعم سني واسع النطاق، ستكون لديه حكومة أكثر شمولا وسوف يحد من الانزلاق المثير للقلق نحو الاستبداد تحت قيادة رئيس الوزراء نوري المالكي» وهذا بحسب النص الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، وهو ما تثبته الأحداث المتتابعة في العراق الآن، وأبرزها ملاحقة طارق الهاشمي، والحكم عليه بالإعدام.

كما أن القصة تظهر كيف أن الإدارة الأميركية الحالية تعاملت باستخفاف شديد في العراق، فقط من أجل أن يفي الرئيس أوباما بوعوده الانتخابية بالانسحاب من العراق، وإن أدى الأمر إلى وقوع العراق ككل تحت النفوذ الإيراني، وهذا ما هو حادث اليوم، وأهمية القصة بالطبع لا تقف عند هذا، بل إنها تظهر أن الاستخفاف الأميركي بمعالجة الأوضاع في العراق كان أخطر مما كنا نعتقد. فواشنطن لم تسع إلى تصحيح الخطأ القاتل في العراق من حيث المحاصصة الطائفية السياسية، بل كادت أن تكرسها بخطوة تخدم إيران أكثر من غيرها، وذلك باختيار شخصية شيعية سياسية لرئاسة العراق وهو الدكتور علاوي. وهنا لا بد من شرح نقطة مهمة، فالدكتور علاوي، وبالنسبة لي، منزه عن الطائفية، وأي شكل من أشكال التقزم السياسي، لكن، ومع النهج السياسي الطائفي في منطقتنا، فمن يضمن أن يتعرض علاوي للاغتيال، وهو مهدد بذلك، ومن ثم يقال إنه لا حق حصريا للأكراد برئاسة العراق، ويمكن أن يتولى المنصب شخصية عراقية شيعية، وهنا سيبرز بالطبع دور إيران، وحينها فإن كل من يعترض سيقوم حلفاء إيران في بغداد بتذكيره بأن علاوي كان شيعيا، وبالتالي يتم تقزيم العراق كله ليناسب الثوب الطائفي القصير!

ومن هنا تظهر السذاجة الأميركية، خصوصا أنه وقتها كان هناك اقتراح مماثل بأن يكون علاوي رئيسا للبرلمان، وكتبت في هذا المكان، محذرا من تلك الفكرة لأنها تعني تبرير اجتياح الشيعة لكل المناصب بالعراق، مما يعني، ووفقا للنفوذ الإيراني في العراق، أن حلفاء طهران سيسيطرون على كل المناصب في العراق، وهو أمر غير مستبعد، وقد يعود للواجهة مرة أخرى مع اقتراب لحظة سقوط طاغية دمشق بشار الأسد. وعليه فإن أهمية القصة تكمن في أنها تظهر كيف تعاملت الإدارة الأميركية الحالية باستخفاف مع العراق على الرغم من إدراكها خطورة المالكي، ومعرفتها أن بغداد ستصبح تابعة لإيران، والمخيف في هذه القصة أنها تظهر أنه ليس الجمهوريون وحدهم من سلم العراق لإيران، بل وحتى الديمقراطيون!

[email protected]