الأطفال ياما أحلاهم وياما أزعجهم!

TT

اتصل بي المطرب الكبير إحسان الإمام فعبر عن عجبه ممن يبخل عليه بالاستمتاع بغنائه. قال: أنا لا أفهم كيف أن أي مطرب يغني دون أن يطرب لطربه. لا يهمك يا أخي أبو حنين.. فقد أيدك في ما ذهبت إليه قرائي؛ وكان منهم فؤاد محمد من مصر، والسيد عدنان والست فاطمة الزهراء موسى من فرنسا، وشرات تبوكر من الجزائر في ما فعلت وفي ما تقول. ولكن مازن الشيخ يعطينا اجتهادا طريفا في تفسير ميل المطربين العراقيين للحزن، بابتلاء العراقيين بالطوز (العواصف الترابية).

بيد أن الأخت فاطمة مضت وكشفت عن شجاعتها الكبيرة بالاعتراف بأنها سبق أن تعرضت للاغتصاب.. وتتساءل: أيا ترى أن من اغتصبها كان يعتقد أنه يقوم بعمل تطوعي؟! المعتاد في من يتعرضن للاغتصاب أن يفضلن الستر بكتمان ما حدث لهن، وهذا خطأ يشجع المغتصبين على مواصلة أعمالهم الإجرامية. وانبرى عدد من قرائي الكرام لسرد وقائع مختلفة في هذا الصدد.. يروي سامي البغدادي، من إيطاليا، أن الكثير من الشخصيات البارزة في إيطاليا ولدوا من اغتصاب أمهاتهم وأطلقوا عليهم لقب «اسبوسيتو»؛ أي «المعروض» أو «اللقيط».. يواصل فؤاد محمد وعدنان حسن إعطاء أمثلة مختلفة عن لقطاء تجاوزوا هذا العيب ونجحوا في حياتهم وأصبحوا شخصيات بارزة.. وهنا يذكرنا السيد فرج السعيد بأن بورقيبة كان يعرض تبنيه لأي طفل يولد سفاحا في تونس. الحقيقة يا سادتي أن تاريخنا العربي لم يسلم من مثل ذلك؛ فالوالي زياد بن أبيه كان واحدا منهم؛ كما نعلم.

يسرني أن أجد قرائي قد استمتعوا بحكاياتي عن سادية الأطفال وقسوتهم في ما يقوّلون على إخوتهم.. السيد جعفر من بغداد يروي أنه كان يخيف أخاه الأصغر بقوله إنه كان مجرد صرصور في المزبلة، وتطور فيها إلى جرذي، ثم إلى قطة، ومنها إلى كلب، قبل أن يصبح إنسانا وأخا يعيش معنا! هل تعلم يا أخي جعفر أنك قد سبقت في طفولتك تشارلز داروين في نظريته عن تطور الإنسان؛ غير أنه رأى أنه نشأ من قرد وليس من كلب؟ والخيار لك.. هل تفضل أن أخاك كان كلبا أم قردا؟!

وتروي السيدة أم ياسر أنه كانت لها، وما زالت، أخت في منتهى الجمال.. شعر أصفر وعينان زرقاوان وبشرة بيضاء، وكانت تخيفها في طفولتها بأنها لا تنتمي لهذه الأسرة، وإنما هي بنت امرأة إنجليزية اغتصبها الوالد فحملت منه، وعاد الوالد بالطفلة إلى بلده في العراق.

ومن المملكة العربية السعودية، يلاحظ السيد نصار الشمري هذا التباين بين ذهنيتنا وذهنية الغربيين.. نحن نقول للطفل إننا وجدناه مطروحا على مزبلة، بينما يقول له الغربيون إنهم وجدوه في ظلال أشجار التوت.. يقول الشمري إن العراق مليء بالنخيل، فلماذا لا نقول إننا وجدناه في ظلال نخلة؟

ثم يتساءل وبحق: أيعود السبب لأن الزبالة في العراق أكثر مما فيه من نخيل؟

نعم يا سيدي.. اسأل أي عراقي قادم من بغداد في هذه الأيام ليقول لك إن الزبالة في الشوارع تفوق عدد النخيل في البساتين.