صدام «نصر الله» و«السنيورة»!

TT

الجدل السياسي الدائر الآن في لبنان بين الدكتور فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق والزعيم السياسي بكتلة المستقبل من ناحية، وسماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله والشخصية السياسية المرموقة والمثيرة للجدل، هو أمر يستحق التأمل والتحليل. حسن نصر الله يقدم خطابا سياسيا متشددا هذه الأيام يقوم على الركائز التالية:

1- إن الوضع في سوريا ليس حربا أهلية ولكنه جزء من مؤامرة إقليمية برعاية دولية وصهيونية تسعى إلى الالتفاف على قوى «الممانعة والمقاومة».

2- إن سلاح المقاومة في هذه الحالة يجب أن يكون لصيقا بصدر حزب الله استعدادا لمواجهة «تلك المؤامرات» التي تحيط بالمنطقة.

3- إن الفيلم المسيء والرسوم المسيئة للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام جزء مكمل لهذه المؤامرة، وهو «يدعو الجماهير العربية والإسلامية إلى إعلان الغضب الشامل ضد كل المصالح الأميركية والغربية».

4- إن المشروع الإسرائيلي الهادف إلى ضرب إيران عسكريا يعتبر تهديدا مباشرا لحزب الله الذي لن يقف موقف المشاهد منه، لأنه يعتبر أن ضرب إيران هو (أيضا) جزء من ضرب «القوى الداعمة الرئيسية للمقاومة في لبنان وفلسطين».

5- أما الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله فإنه يدعو العرب والمسلمين إلى مقاطعة إسرائيل والولايات المتحدة لتآمرهما على «العرب والمسلمين».

من ناحية أخرى يختلف خطاب الدكتور فؤاد السنيورة من ناحية الأسلوب والتوجه السياسي، فيرتكز على الآتي:

1- إن رد الفعل على الفيلم المسيء يجب ألا يسيء للمسلمين والعرب.

2- إنه يتعين التركيز في رد الفعل على العمل الدبلوماسي، وبالذات أن يشمل خطاب لبنان في الجمعية العامة للأمم المتحدة الدعوة إلى محاربة ازدراء الأديان.

3- إنه يتعين على صانع القرار اللبناني أن يحدد هو اتجاه السياسة «وإنه لا يجب لنا أن ننقاد لمن أراد أن يستدرجنا إلى المكان وإلى ردة الفعل التي يريدها».

4- إنه، أي السنيورة، يطالب حزب الله بإعلان «لبنانية سلاحه» بمعنى أن يصبح سلاح الحزب تحت الشرعية والمصلحة العليا اللبنانية وليس من خارج حدود البلاد.

5- إنه يتعين على حزب الله أن يقدم تصريحا غير قابل للالتباس أن سلاحه لبناني ولن يستخدم لأغراض إقليمية أو خارج الإرادة اللبنانية.

خطابان، كل منهما يؤكد أن الوطن منقسم فكريا وسياسيا إلى حد يمكن أن يؤدي إلى تحول لبنان الواحد إلى «لبنانين».

خطاب ساخن ذو مفردات تصعيدية من حسن نصر الله، وخطاب عملي براغماتي يقف على أرض الواقع من فؤاد السنيورة.

كل خطاب منهما يعكس مجموعة من التحالفات المحلية والإقليمية والدولية التي تتصادم بالضرورة مع تحالفات الطرف المضاد.

أستطيع وأنا شديد الخوف والقلق أن أؤكد أن لبنان سيكون، كالعادة تاريخيا، إحدى أدوات وإحدى ضحايا الصدام الإقليمي المقبل!