قبل خط النهاية

TT

مع تسارع الأيام واقتراب موعد الحسم في سباق الرئاسة بالولايات المتحدة تبدو الصورة أن الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما هو الأقرب للفوز مجددا بالمنصب وذلك رغم المسافة الضيقة جدا بين المتنافسين (هو ومرشح الحزب الجمهوري ميت رومني)؛ فباراك أوباما يبدو في أذهان الناخبين الأميركيين بحسب استطلاعات الرأي الشخصية الأكثر اتزانا والأوسع إدراكا في الشأن المحلي والدولي أيضا.

تسريبات مقطع فيديو لاجتماع كان يحضره ميت رومني مع ممولين رئيسيين لحملته الانتخابية فضحته وهو يقول: إن هناك 47% من الأميركيين يعيشون عالة على حكومتهم ولا يسددون الضرائب وهم لن يصوتوا له على أي حال، وهو نفس الرجل الذي أهان أهم حلفاء أميركا (بريطانيا) حين صرح خلال زيارته للندن بأنه لا يعتقد أن لندن أعدت العدة جيدا لاستضافة الأولمبياد. واستمر رومني في لغة «الفزاعات»، وقال إنه لو وصل للرئاسة فسيصنف روسيا كالعدو الأول والخطر الأهم على أميركا، وكذلك سيصنف الصين على أنها دولة تتحايل بعملتها على الاقتصاد الدولي، ولم يكتف بذلك، بل واصل تصريحاته المثيرة للجدل وهو يرتمي في أحضان إسرائيل واللوبي الصهيوني الداعم لها بأميركا.

وقال: إن الفلسطينيين ليسوا شركاء جادين في السلام، وإن هناك فارقا حضاريا بين الإسرائيليين والفلسطينيين. كل هذه المواقف والتصريحات جعلت الحزب الجمهوري وقادته شديدي القلق على خسارة سباق الرئاسة للبيت الأبيض، وكذلك احتمال أن يكون أداء المرشح الأساسي للحزب نذير شؤم على مرشحي الحزب الآخرين في سباق انتخابات الكونغرس.

هناك تخبط هائل يشهده الحزب الجمهوري في رؤياه وتوجهاته منذ حقبة جورج بوش الابن وارتباطهما بجماعة المحافظين الجدد، وهي مجموعة تضع مصالح إسرائيل والليكود قبل مصالح أميركا نفسها، والحزب يبدو في حالة ضياع تام وبلا وضوح في الرؤية ودون محاولات جادة وصادقة للخلاص من إرث حقبة جورج بوش الابن، والحزب الديمقراطي يدرك ذلك جيدا ويبدو أنه سيستغل هذا الأمر على المدى المتوسط على أقل تقدير، فهناك تلميحات تشير إلى أن هيلاري كلينتون (التي ستترك منصبها كوزيرة للخارجية في شهر يناير/ كانون الثاني القادم) تفكر بجدية في الترشح للرئاسة عام 2016، فنهجها يسمح لها بذلك، وحزبها يأخذها على محمل الجدية والاحترام والتقدير، ولن ينسى ما أبدته من ولاء لرئيسها ومنافسها السابق باراك أوباما، وكانت خلال الحقبة مثالا جيدا للمهنية المحترمة، ولم يعرف عن مكتبها التسريبات ولا المواقف المعارضة والمبطنة لسياسات الرئيس مثلما كان يحدث مع بعض الإدارات السابقة.

وفي حال ترشح هيلاري كلينتون ضد حزب مهترئ ومهزوز مثل الحزب الجمهوري بوضعه الحالي اليوم فإن حظوظ الديمقراطيين تبدو قوية لاستمرار ضغطهم على الجمهوريين واكتساحهم كما لم يحدث لهم منذ عهد طويل جدا. المناظرات التلفزيونية بين باراك أوباما وميت رومني بقي عليها أيام معدودة، وهي باتت إحدى أهم أدوات صناعة القرار والتأثير على ناخب اللحظة الأخيرة الذي لم يستقر رأيه حتى الآن على أي من المرشحين، ولكن مع ذلك يرشح المراقبون والمحللون أن تكون حظوظ باراك أوباما هي الأقوى نظرا لمهاراته في الخطابة والمناظرة بشكل يتفوق فيه على ميت رومني، ولكن تبقى مفاجأة اللحظة الأخيرة التي قد يخرجها أعداء أوباما في اللحظة الحاسمة للتأثير على الناخب الأميركي لإظهاره مهزوزا وضعيفا أمام حدث كبير!

[email protected]