سوريا من دون أسد أم أسد من دون سوريا؟!

TT

يتحدث وزير الخارجية الإيطالي في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة عن «استراتيجية ما بعد الأسد»، وأن هناك تقريبا شبه اتفاق دولي على ضرورة رحيل الرئيس السوري. وتتحدث التقارير الصحافية عن أن الرئيس الإيراني ذاته لا يمانع من رحيل الدكتور بشار الأسد ولكن وفق شروط وضمانات خاصة بشكل النظام السوري الجديد من ناحية «موقف هذا النظام من طبيعة العلاقة مع طهران».

أما وزير الخارجية الروسي لافروف، فقد أعلن في مقابلة تلفزيونية في قناة «بلومبيرغ» مع الإعلامي القدير شارلي روز، أن روسيا لن تضغط على الرئيس السوري للرحيل، لأن خروجه تحت الضغط لن يؤدي إلى حلول، ولكن هو وحده الذي يمكن أن يحدث الترتيبات التي تتزامن مع قرار الرحيل!

الجميع يتحدث عن رحيل الأسد، والطرف الوحيد الذي لا يتحدث عن هذا الموضوع مباشرة أو تلميحا هو الرئيس بشار نفسه!

والجديد في موقف السيدة كلينتون حول الموضوع السوري، هو أنها تريد دفع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لاتخاذ قرار دولي ضاغط على النظام السوري، ويتفق معها في ذلك الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية الذي طالب في نيويورك بتطبيق العقوبات ضد النظام السوري إلى حد اللجوء إلى «الفصل السابع» الشهير.

الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي مع رحيل الأسد بأي ثمن، لكنه يحذر من التدخل العسكري الخارجي، وأمير قطر يرى أنه نتيجة فشل اتفاق إرادات الدول الكبرى ومجلس الأمن، يتعين على الدول العربية أن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية للقيام بعمل سياسي أو عسكري لإنقاذ الشعب السوري من حكامه. وهناك دراسة تتبناها الخارجية الأميركية يجري تسويقها على لسان السيدة كلينتون وكبار مساعديها بعنوان «سوريا من دون الأسد»، ويتم فيها طرح تصورات حول سوريا الجديدة الخالية من النظام الأسدي.

بينما يتم كل هذا الحديث، لا تتوقف السفن الحربية الروسية والصينية عن تفريغ شحنات من السلاح الجديد في طرطوس وبانياس. وبينما يتم تسويق موضوع «سوريا من دون الأسد»، تستخدم طهران الممر الجوي الآمن بين إيران وسوريا لنقل كميات من الصواريخ الإيرانية الصنع كي تستخدمها المروحيات التابعة للنظام الأسدي للفتك بالجيش السوري الحر.

نحن إزاء أنصار لسوريا الأسد يشترون الوقت ويراوغون في التصريحات الشفهية لكنهم يدعمون هذا النظام حتى آخر لحظة، وحتى آخر رصاصة. ونحن أيضا إزاء أنصار للشعب السوري يطلقون تصريحات قوية في الحروف والكلمات فارغة في التأثير.

لذلك كله، فإن أخشى ما أخشاه أن يسبب ذلك في عدم تحقق حلم السيدة كلينتون في وجود سوريا من دون الأسد، ولكن الأسد من دون وجود سوريا!

هل ينجح الأسد في إنهاء واحدة من أقدم الحضارات؟!