ماذا لو حصل الشعب على فرصة المصور؟

TT

يا لها من كوميديا سوداء تلك التي حدثت في نيويورك، وتحديدا للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، الذي طالب من على منبر الأمم المتحدة بنظام عالمي جديد لا يعرف الفقر والقهر.. وغيرها من الكليشيهات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، والكوميديا السوداء هي إعلان المصور الرسمي المرافق لنجاد انشقاقه، وطلب اللجوء السياسي لأميركا!

والسؤال هنا هو: إذا كان المصور التلفزيوني المرافق للرئيس الإيراني، الذي يفترض أن يكون منتقى بعناية، قد أعلن انشقاقه وهو ضمن وفد نجاد، فكيف سيكون الحال لو كان بمقدور الإيرانيين العاديين أخذ تأشيرات للدول الغربية بشكل طبيعي؟ المؤكد أن عدد سكان إيران سينخفض بما يفوق الستين في المائة، حيث سيغادر خيرة شبابهم، وعقولهم، كما غادر الجيل الأول في مرحلة ما بعد الشاه، وبعد الثورة الخمينية! فالنظام الإيراني نموذج للنظام الذي تفرغ للشر، وامتاز بالقمع، والتضييق على المواطنين، نساء ورجالا. فهو نظام لا يمكن أن يستمر في أجواء عقلانية، منفتحة، بل إن الانفتاح سيكون بمثابة الريح التي من شأنها إسقاط نمر الورق في طهران.

هذا النظام يمارس العبث بمقدرات شعبه، ويعرض كل المنطقة للخطر، بسبب أطماع أقل ما يمكن القول عنها إنها متطرفة، فهذا نظام صرف على دعم بشار الأسد قاتل أطفال سوريا، ونسائها، قرابة عشرة مليارات، في وقت يواصل فيه الريال الإيراني انهياره، حيث نرى الاقتصاد الإيراني يواجه مخاطر حقيقية قد تهدد الكيان السياسي الإيراني ككل، والغريب أن إيران تعاني اقتصاديا في وقت تعتبر فيه أسعار النفط في ارتفاع كبير. وهنا تكفي المقارنة بين ما تفعله دول الخليج، مثلا، ببترولها، وما يفعله النظام الإيراني. فدول الخليج تبني وتعلم، وتستثمر في مواطنيها؛ فها هي السعودية، مثلا، تبتعث مواطنيها إلى كل دول العالم بحثا عن العلم، بينما تقوم إيران بالصرف على الأسد، وابتعاث أفراد حرسها الثوري من أجل نصرته ضد السوريين، أو لدعم حسن نصر الله، وغيره في اليمن، والبحرين، والعراق الذي سيفوق إيران، لأول مرة هذا الشهر، في الإنتاج النفطي!

ولذا، فإن انشقاق المصور التلفزيوني الرسمي المرافق للرئيس الإيراني ما هو إلا مؤشر على الجمر الذي تحت الرماد في إيران التي تستعد لاستحقاقات خارجية وداخلية، من عقوبات اقتصادية، وتهديد بالضربة العسكرية، وانتخابات رئاسية مقبلة يقوم النظام الإيراني بالاستعداد لها بحجب بعض مواقع الإنترنت الخدماتية الشهيرة، مثلما فعل مع «غوغل»، ثم عاد ورفع الحجب عنه. وكل ذلك يؤكد أن درجة الغليان الشعبي في إيران كبيرة، وقد تزداد مع العقوبات الاقتصادية، خصوصا أن عملية دعم طهران للأسد قد تحولت على ما يبدو إلى عملية استنزاف كبيرة لإيران، عسكريا، وسياسيا، وماليا. فخسائر إيران السياسية، مثلا، من دعمها للأسد، لا تقدر بثمن، عربيا وإسلاميا، على مستوى الرأي العام.

لكن بالطبع يبقى هناك سؤال مشروع، وهو: ما رأي بعض مثقفينا، أو اللوبي الإيراني بيننا، الذين أكلوا رؤوسنا بالحديث عن النموذج الإيراني، بما تفعله إيران اليوم، وما يحدث لها؟ فهل هم مثل المصور المنشق، أم أنهم مرتبكون؟ وما أطول ارتباكهم في العامين الأخيرين!

[email protected]