هل يدفع نصر الله ثمن بشار؟

TT

أتاحت فرصة عملي الإعلامي، أن التقي عدة مرات مع سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، وأن أتمكن من الاقتراب من الرجل والتعرف عن قرب على بعض ملامح شخصيته.

ومهما كنت تتفق أو تختلف مع الرجل وحزبه وجماعته فإن هناك عدة صفات يتصف بها نصر الله اتفق عليها العدو والصديق:

1) أن الرجل تتوفر فيه صفات القيادة والزعامة الكريزمية.

2) أن لديه أسلوبه المنطقي في عرض الأفكار وفي السرد والإقناع.

3) أن الرجل ذكي إنسانيا، بارع في المناورة سياسيا.

هذه الصفات كلها لا تجعل من الرجل صيدا سهلا للوقوع في شرك أن يحسب تاريخيا على أن «حزب الله المقاوم والممانع» وقف بالقول وشارك بالفعل ضد ثورة شعبية في سوريا ضد الظلم والقهر والاستبداد.

لذلك توقفت طويلا بالأمس أمام بيان حزب الله الصادر من بيروت الذي ينعى فيه أحد قادته الملقب بـ«أبو العباس» الذي قتل في حمص أثناء قيامه «بتأدية واجبه» على حد وصف البيان.

هذا البيان هو اعتراف صريح بالتدخل العسكري والقتالي للحزب في المجازر الدائرة في سوريا من قبل قوات النظام ضد ثورة الشعب السوري. هذا الموقف وهذا الاختيار، سوف يضر بمكانة الحزب وسمعته ووضعيته في لبنان وسوريا في المستقبل القريب والبعيد معا.

إن سوريا بالنسبة للحزب هي العمق الاستراتيجي له، وهي قناة التسليح والتدريب وجسر التمويل بين الحزب وطهران، وهي أيضا الداعم السياسي الأكبر لنشاط الحزب في لبنان.

ولكن في لحظة ما يتعين على الحزب أن يختار بين ما يمليه الأمر الواقع والقرار والاختيار التاريخي.

من هنا أشك كثيرا أن سماحة السيد حسن نصر الله يمكن أن يدعم النظام السوري سياسيا وعسكريا وهو يعلم بذكائه الإنساني وخبرته السياسية أنه رهان خاسر تماما وسوف يؤثر سلبا على مكانة الحزب لبنانياً وسورياً.

الاحتمال الأكثر منطقية بالنسبة لي هو أن نصر الله يتصرف تصرف المكره غير القادر على الممانعة أو الرفض للضغوط من إيران وسوريا. حتى هذه اللحظة تراهن إيران وبقوة على حليفها بشار الأسد، وحتى هذه اللحظة ما زال النظام السوري يسعى لتجنيد وتعبئة كل القوى والأنصار والتحالفات اللبنانية من أجل معركة «النفس الأخير».

هناك في دمشق من يسعى لتوسيع مسرح القتال من سوريا إلى لبنان، من حمص إلى طرابلس، ومن القرداحة إلى الجنوب اللبناني.

في اعتقادي أن بشار الأسد وأسرته وطائفته ورجاله وحزبه لن يكونوا وحدهم الذين يدفعون فاتورة الثورة في سوريا ولكن في اعتقادي أن أنصار سوريا في لبنان سوف يدفعونها أيضا!