الطريق إلى الأمام

TT

واضعو السياسات على مستوى العالم يواجهون وضعا جديدا ومختلفا تماما. هذه البيئة تتشكل، بشكل رئيسي، بسبب ظاهرة جديدة هي المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات. هذا الجديد «عامل» حاسم في نهاية المطاف في تحديد تطور الأمم ونجاحها.

لم يعد من المستغرب عندما يسمع المرء أن النمو الاقتصادي للدول يرتبط اليوم بعامل واحد وحاسم للغاية، وهو اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهذا فتح أعين الناس بصورة كبيرة لإدراك أهميته، ولا يقال ذلك دون مضمون معقول.

أكثر الناس اليوم لديهم علاقة بالهاتف الجوال أكثر منها مع المياه والكهرباء مثلا. وعلاوة على ذلك، فإن حجم البيانات التي يتم إنشاؤها وتوزيعها على الصعيد العالمي آخذ في التوسع بصورة مذهلة وهائلة. وقد وضع كل هذا الحكومات أمام تحد خطير. قادة الحكومات وقادة الأعمال التجارية، عليهم تقوم مهمة شاقة وكبيرة في تجديد قواعدها وأنظمتها وسياساتها وأهدافها لاستيعاب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والوصول إلى الإنترنت، ووسائل الإعلام الرقمية والتطبيقات والاتصالات، وكيف تتم التهيئة أساسا لبناء وتعزيز ثم رقمنة اقتصاداتها.

هذه الإجراءات إذا طبقت كما ينبغي تولد إمكانات هائلة، وبالتالي تؤدي إلى تبعات كبيرة. الدول التي تمكنت من هذه التطبيقات استفادت إلى حد كبير في تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية وسياسية. ومن أهم الأمثلة التي يمكن ذكرها، كوريا وفنلندا وماليزيا والهند وسنغافورة، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.

لكن الأرقام تتحدث بصوت أعلى من الكلمات كلها. آيسلندا تفتخر بأن لديها أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت في العالم، وذلك بنسبة تبلغ 95% من سكانها على الإنترنت مباشرة في عام 2011. ولدى كوريا الجنوبية 97.2% من الأسر موصولة مباشرة بشبكة الإنترنت، كما أن لديها ثاني أعلى عدد في العالم من الاشتراكات المتنقلة ذات النطاق العريض بعد سنغافورة. النيجر، من جهة أخرى، ليس لديها سوى 1% من المنازل الموصولة مع الإنترنت. وكان المتوسط العالمي لمائة وسبعين دولة شملها المسح هو 20.5%.

الفلبين تفتخر بأن لديها أكبر عدد في العالم من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي و75% من مستخدمي الإنترنت بالمواقع باستخدام واحد أو أكثر الخدمات. تيمور الشرقية، الدولة الصغيرة، كانت أدنى دول العالم استخداما للإنترنت في عام 2011 بنسبة 0.9% فقط من السكان البالغ عددهم 1.2 مليون.

ويمكن أيضا ذكر الولايات المتحدة وكندا في عدد اشتراكات النطاق العريض الثابتة. كندا لديها 32%، والولايات المتحدة لديها 28.7%.

العالم العربي يبدو سعيدا ومتحمسا عندما تسرد شركات الاتصالات وتكشف عن تغلغل الهواتف الجوالة وزيادة استخدام الإنترنت، ولكن بنظرة فاحصة نرى الفشل الكامل في مجال التجارة الإلكترونية، والتعليم الإلكتروني، والبريد والطب، والحكومة الإلكترونية، مما يعني أن التكنولوجيا لديه لم تسبب بعد تحولا حقيقيا في النسيج الاقتصادي والسياسي وأنها مجرد وسيلة للتسلية للآن.

طريق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم العربي ما زال طويلا، ولكن البعض أدرك أهميتها وإمكاناتها بالفعل.

[email protected]