رياح الحرب

TT

في جلسة غير عادية أول من أمس، منح البرلمان التركي الحكومة سلطة نشر القوات في دول أخرى في حال كان ذلك ضروريا للحفاظ على الأمن القومي. وقرر رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، تقديم هذا المقترح للبرلمان بعد سقوط قذيفة هاون من الجانب السوري من الحدود على منزل في مدينة أكجاله في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي ما أسفر عن مقتل خمسة وإصابة ثمانية. ووقع حادث مشابه الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل واحد وهو ما أدانه الأتراك بشدة. بعد ساعات من الحادث الثاني، قصفت المدفعية التركية أهدافا ترى أنها وراء هذا الهجوم بحسب تصريح مكتب رئيس الوزراء.

حدث استنفار أمني على الحدود السورية - التركية التي تمتد بطول 910 كلم واستمر ذلك طوال نصف عام في ظل الاشتباكات بين الجيش النظامي السوري الموالي للأسد والثوار، والتي تحولت إلى حرب أهلية. وبعد الحادث الأخير، طلبت تركيا من الأمم المتحدة اتخاذ إجراءات أكثر حسما وصرامة ضد النظام السوري. لكن هذا مستبعد بسبب اتجاه روسيا، التي تتمتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن، إلى استخدام حق النقض للمرة الرابعة واستمرارها في دعم الأسد.

يتهم نظام الأسد تركيا، وكذا فرنسا وقطر والمملكة العربية السعودية، بتقديم الدعم إلى الثوار. مقر المجلس الوطني السوري في تركيا ويقال إن مقر الجيش السوري الحر، أكبر جماعة مسلحة ثورية، انتقل من تركيا إلى سوريا مؤخرا. وهناك نحو مائة ألف سوري يطلبون اللجوء السياسي ومنذ تصاعد وتيرة الحرب الأهلية خلال الأشهر الستة الماضية تعتقد الحكومة أن وتيرة هجمات حزب العمال الكردستاني، التي تدعمها الاستخبارات، تصاعدت هي الأخرى. ومن المنتظر أن يتم مناقشة مقترح آخر في البرلمان خلال الأسبوع الحالي، يخول الجيش تنفيذ عمليات ضد قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق ردا على الهجمات التي يشنها الحزب على الحدود في تركيا في ظل احتجاج من حكومة نوري المالكي في بغداد.

ووافق البرلمان على المقترح بشأن سوريا أول من أمس، حيث صوت لصالحه كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، في حين أدان حزب الشعب وهو حزب المعارضة الرئيسي هذه الخطوة باعتبارها «مقترح حرب»، واعترض حزب السلام والديمقراطية الذي يركز على القضية الكردية، على المقترح، لكنهم لم يستطيعوا أن يمنعوا إقرار المقترح. الأمر المثير للاهتمام هو أن حزب الشعب سيدعم هذا المقترح الخاص بالعراق على الأرجح الأسبوع المقبل على أساس أنه يأتي في سياق مناهضة الإرهاب. ومن المرجح أن يتم تمرير مشروع القانون وستضمن الحكومة الحصول على تصريح بتنفيذ عمليات عسكرية في العراق وسوريا. ويعني هذا أن تركيا أعلنت وجود أوضاع عسكرية محتملة على الحدود مع دولتي الجوار في الجنوب. ويعد هذا تغيرا في النهج التركي تجاه الدولتين على مدى العامين الماضيين، بالنظر إلى الاجتماعات المشتركة التي عقدتها حكومة أردوغان مع قادة الدولتين، في إطار سياسة «تصفير المشكلات» مع دول الجوار والتي يروج لها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. مع الوضع في الاعتبار الحرب الكلامية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، والدعم الإيراني لسوريا، وعدم رضا روسيا عن نظام الرادار الذي يقيمه حلف شمال الأطلسي في تركيا، وزيادة عدوانية النظام السوري مع مرور الأيام، يمكن أن يقال بسهولة إن الخطوة التركية لم تكن باتجاه تهدئة الأوضاع. وبدأت رياح الحرب تشتد في المنطقة ولا يعلم أحد ما الذي سيحدث بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها في غضون شهر.

* بالاتفاق مع صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية