الحديث عن إيران.. ماذا تمثل الحرب؟

TT

الحرب ضد إيران ليست أمرا حتميا، لكن تمثل إيران التي تمتلك سلاحا نوويا تهديدا كبيرا للأمن القومي الأميركي. بالنظر إلى الخطابات التي شهدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا يبدو أن الخيار العسكري يُناقش بكثرة. ومع ذلك ينظر إلى النقاش العام حول القيام بعمل عسكري باعتباره يأتي في إطار الخطابة والسياسات الحزبية. ونقترح نقاشا عقلانيا غير حزبي حول عواقب خوض حرب أخرى في الشرق الأوسط الأكبر على الولايات المتحدة. ويقول توماس جيفرسون: «في دولة ذات نظام جمهوري يحرك مواطنيها العقل والاقتناع لا القوة، تصبح الأهمية الأكبر لفن التفكير العقلاني». وكما جاء في تقرير نشر على موقع TheIranProject.org خلال الشهر الحالي بعنوان «مقابلة فوائد القيام بعمل عسكري ضد إيران بالتكلفة»، اتفق أكثر من 30 مسؤولا حكوميا سابقا وخبيرا إقليميا على تشجيع فن التفكير العقلاني. نحن لا نوافق على كل ما جاء في هذا التقرير، لكن إدراكنا للرسالة التي يحملها متقارب.

لقد انضممنا إلى هذه المحاولات لإيماننا بأن أي قرار خاص باستخدام القوة العسكرية، لا بد أن يكون محكوما بنقاش قائم على الحقائق للأهداف والتكاليف والفوائد والتوقيت والقدرات واستراتيجية الخروج. موقفنا متسق تمام الاتساق مع سياسة وضع كل الخيارات على الطاولة، بما فيها الخيار العسكري، التي يتبعها الرؤساء منذ ما يزيد على عقد، وهو ما من شأنه أن يزيد الضغط على إيران إلى جانب العمل باتجاه التوصل إلى حل سياسي. ونظرا للعواقب الوخيمة على المصالح الأميركية في حال شن هجوم عسكري، نسعى إلى التأكد من إدراك الأهداف المختلفة وكذلك كافة العواقب المحتملة.

إذا شنت الولايات المتحدة هجوما، يمكنها عرقلة قدرة إيران على تصنيع سلاح نووي لعدة سنوات. إذا كان الهدف هو تدمير قدرة إيران العسكرية وأسلحتها بشكل كبير، فتستطيع الولايات المتحدة إحراز نجاح كبير في هذا الأمر. مع ذلك دون عدد كبير من القوات البرية على الأرض، سيكون هناك شك في قدرة الهجمات الجوية الأميركية على تقويض قدرة إيران على تصنيع سلاح نووي أو إسقاط النظام أو إرغامه على الإذعان للطلبات الأميركية، حتى وإن كانت مدعمة بوسائل أخرى مثل الطائرات التي تعمل من دون طيار، والعمليات السرية، والهجمات عبر الإنترنت.

يقول مسؤولو الاستخبارات الأميركية إنهم يعتقدون أن إيران تمتلك بالفعل المعرفة والتكنولوجيا اللازمة لتصنيع سلاح نووي. ويتفق مسؤولو الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية على أن القادة الإيرانيين لم يتخذوا قرار تصنيع سلاح نووي بعد. مع ذلك أشارت الحكومة الأميركية إلى أنه في حال إنتاج إيران يورانيوم مخصب بدرجة تسمح بتصنيع سلاح نووي وشرعت في ذلك، يجب حينها أن يتم النظر في الخيار العسكري. وقال وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، خلال الشهر الحالي إن الولايات المتحدة ستتخذ الإجراء اللازم في أقل من عام إذا قررت إيران الاندفاع نحو تصنيع سلاح نووي. ونعتقد أنه سيكون هناك وقت كاف يسمح بتحديد رد الفعل المناسب.

ورغم أن الهجوم الهجوم الأميركي ليس الطريقة الوحيدة لتحقيق هذه الأهداف، فقد يؤكد مصداقية الدولة كحليف لدول أخرى في المنطقة ويعرقل طموحات إيران النووية لعدة سنوات، مما يمنح الفرصة لتبني خيارات أخرى ربما تكون طويلة المدى. كذلك سيوضح الهجوم التزام الولايات المتحدة الكامل بحظر انتشار الأسلحة النووية في الوقت الذي تفكر فيه دول أخرى باتخاذ خطوات في هذا الاتجاه.

يعد تقدير التكلفة أصعب من تقدير الفوائد لعدم التأكد من حدود وشكل رد الفعل الإيراني. ومن المرجح أن ترد إيران بشكل مباشر، لكن من المحتمل أيضا أن يكون ردها غير متكافئ وربما يشمل تكثيف الأعمال الإرهابية والعمليات السرية بمساعدة أذرع لها مثل حزب الله.

قد تؤدي زيادة سعر النفط إلى عدم استقرار الأسواق لأسابيع أو شهور مما يعرقل خطى الاقتصاد العالمي. وقد يتم تصعيد الصراع أيضا بحيث يتحول إلى حرب إقليمية تشمل سوريا وحزب الله وفلسطينيين ودولا عربية أخرى وجماعات إرهابية. وفي الوقت الذي من الممكن أن يرحب فيه قادة كثير من الدول العربية، وبالتأكيد إسرائيل، بهجوم ضد إيران تحت قيادة الولايات المتحدة، من المرجح أن يلاقى بمشاعر عداء جامحة من قبل شعوب المنطقة المسلمة الكبيرة.

من بين العواقب الأخرى زيادة احتمال اتخاذ إيران لقرار تصنيع سلاح نووي، مما يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في منطقة لا تزال تتحسس موضع أقدامها ويمنح الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة، فرصة لاستقطاب أعضاء جدد.

أثناء تسلم الرئيس أوباما لجائزة نوبل، وصف بحكمة المعضلة التي تواجهها الولايات المتحدة بصفتها دولة عظمى، حين قال إن جزءا من التحدي الذي نواجهه هو الوصول إلى تصالح بين حقيقتين لا تقبلان ذلك؛ الأولى هي أن الحرب تكون ضرورية أحيانا، والثانية هي أن الحرب تكون عند مستوى من المستويات تعبيرا عن الحماقة البشرية. وتحتاج الولايات المتحدة إلى نقاش عقلاني غير حزبي للاختيار بين الضرورة والحماقة البشرية.

* الأدميرال المتقاعد، ويليام فالون، كان قائد القيادة المركزية منذ عام 2007 إلى 2008. تشاك هاغيل، جمهوري وكان عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية نبراسكا منذ عام 1997 إلى 2009. كان لي هاميلتون، عضو الكونغرس السابق عن ولاية إنديانا، نائب رئيس اللجنة الوطنية للعمليات الإرهابية المعروفة باسم الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). توماس بيكرينغ كان مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية منذ عام 1997 إلى 2000 وعمل في السابق سفيرا لدى روسيا وإسرائيل والأردن والأمم المتحدة. الجنرال المتقاعد أنتوني زيني، كان قائد القيادة المركزية الأميركية منذ عام 1997 إلى 2000

* خدمة «واشنطن بوست»