هل تحتاج الكويت إلى برلمان؟

TT

سوف أطرح سؤالا أعرف أنه يفتح عليّ أبواب جهنم السياسية، خاصة في زمن الديمقراطيات الشعبية، وفي زمن ما يعرف باسم «الربيع العربي».

السؤال هو: هل تحتاج دولة الكويت وشعبها الكريم إلى برلمان؟

أعرف أن مئات الآلاف من القراء سوف يقولون في صوت واحد: يا راجل.. هل هذا سؤال يمكن أن يطرحه كاتب سياسي؟

وأعرف أيضا أن الغالبية من القراء سوف ينحازون إلى مبدأ مليون ساعة من معاناة الديمقراطية خير من ساعة استبداد، وأعرف أنني سوف أتلقى محاضرة سياسية وتاريخية على أهمية النظام البرلماني الكويتي في الرقابة والتشريع وتقدم دولة الكويت.

دون لف أو دوران ودون محاولة لتسويق العبارات الرنانة «الشعبوية» التي تتحدث عن الجماهير والوطن والمال العام ومحاربة الفساد وكل هذه القائمة الطويلة المتعارف عليها في قواميس السياسة العربية المعاصرة أعود وأسأل: هل البرلمان بتركيبته الحالية، وبتياراته الحالية قادر على القيام بدوره الدستوري في الرقابة والتشريع؟

هل الحكومة الحالية برئيسها وتشكيلها قادرة على تسيير شؤون البلاد من خلال علاقة متوازنة وممكنة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؟

لقد وصل الخلاف بين الحكومات المتعاقبة في الكويت وبين المجالس النيابية وآخرها مجلس 2009 إلى حد «الصدام السياسي الحاد» بسبب صراع الإرادات السياسية والخلافات الشخصية التي عطلت مصالح البلاد، وكثيرا ما أضرت بحالة الاستقرار السياسي المنشودة.

إن الكويت مجتمع تاجر، يقوم على المبادرة الفردية والاقتصاد الحر الذي تتنازعه مجموعة من كبار العائلات التاريخية التي تؤثر في سلامة وحيوية سوق المال والعقارات وحالة «البزنس» بشكل عام.

إن استحكام الخلاف بين الحكومة والبرلمان بالشكل الذي وصل إليه وبالتجاذبات الحادة التي وصلت إلى حالات من التعدي اللفظي، ثم عملية اقتحام البرلمان الأخيرة من النواب، أصبحت تفضي إلى أن الصراع اتخذ أبعادا مختلفة، منها أنه صراع بين البرلمان والنظام الحاكم ممثلا في العائلة، ثم انتقل إلى صراع بين أعضاء في السلطة التنفيذية وأعضاء بعينهم في البرلمان، ثم اتخذ أيضا بعدا قبليا بين المحافظة والتشدد من ناحية، والليبرالية والتحرر من ناحية أخرى.

وأخطر أبعاد المساجلات الحالية هو البعد المذهبي الذي بدأ يستشري في بعض الاجتماعات والديوانيات في مناخ إقليمي متوتر يتم تسخينه برياح نووية ومذهبية آتية من إيران عبر العراق!

هذا كله يدفعنا إلى السؤال: هل البرلمان خير أم شر؟