نظام «يقاقي»!

TT

لسنوات طويلة مملة وعقيمة كان العالم يتقبل على مضض النظام السوري على أنه واجهة للعلمانية في العالم العربي، وأنه يمثل العمق القومي العروبي في المنطقة وذلك عبر حزب البعث الحاكم الذي رفع شعارا لا يصلح إلا على مؤخرة سيارات الأجرة والنقل وهو «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة».. شعار فارغ ومضلل خصوصا لدى تنفيذه على أرض الواقع، غاية غرضه هو الفتنة والتمزيق بين الأمة العربية إياها، وهذا الشعار كان أداة قمعية وتسلطية اتبعها واستخدمها النظام السوري بامتياز عبر عقود طويلة جدا من الزمن فكانت رخصة له للتدخل في شؤون لبنان والأردن والعراق ومصر وغيرها.

ولكن خلال تلك العقود المظلمة كان هناك شعار آخر ليس معلنا كشعار حزب البعث، ولكن كل سوري يدركه ويعلمه تماما. ويمارس هذا الشعار بشكل عملي وبصورة دائمة ويومية، هذا الشعار كان «قرد ولاه» وهي عبارة مهينة تنطق بأسلوب وطريقة معينة يعلمها كل سوري فيدرك فورا أنه أمام «فلتر» للتمييز الطبقي والعرقي والطائفي والعنصري يستخدم لتمييز طائفة عن أخرى بشكل مقزز وحقير ودوني. هذا «الشعار» هو في واقع الأمر مترجم إلى سياسات وأساليب في الحكم والممارسة.

أتذكر قصة بليغة تشرح المقصود بشكل واضح وبليغ رواها لي أحد الأصدقاء السوريين أنه عندما تقدم لاختبار تأهيل القبول كطيار حربي قال له أحد المسؤولين المعنيين بفرز المتقدمين بعد أن قرأ اسمه واسم عائلته وأدرك أنه من عوائل الشام المعروفة وغير المنتمية لطائفة المسؤول «بيكون على جثتي لو قبلوك».. هكذا وبكل بساطة وبكل ثقة كان رد الرجل لأنه كان يعكس حالة كرسها النظام بالتمييز الطائفي العنصري البغيض فتمكن من غربلة الجيش بفرقه المختلفة وأجهزة المخابرات الداعمة للنظام وكل المنظومات الأمنية لتعكس الولاء للطائفة وليس للشعب، وهي محنة كان يعيشها السوريون الشرفاء بشكل يومي في معاناة مستمرة تمس كرامتهم وتمس حريتهم وتمس في حالات كثيرة شرفهم.

هكذا كان النظام بين خديعة القومية الكاذبة التي باع أوهامها للعرب وبين كلمات العنصرية البغيضة التي فرضها بالقوة والجبروت على الشعب بممارسات هي خليط بين الوحشية والدموية لها موضع في قواميس الطواغيت والجبابرة. مبررات الغضب السوري وثورة الشعب يجب أن يتم استيعابها جيدا، ويجب فهم الخديعة التي يستشعر بها بعد سنوات من الكذب والإهانة وهي نقاط حيوية جدا مطلوب إدراكها جيدا حتى يمكن دعم الثورة بشكل أخلاقي وشكل إنساني كما ينبغي.

هذا النظام المجرم ما زال يكذب حتى آخر لحظة ويمارس التفرقة العنصرية حتى الآان ويشتت الشعب بحسب الهوية حتى آخر لحظة؛ فهو بنى «شرعيته» في الحكم بسوريا على نهج التفرقة ونهج التمزيق ونهج التشتيت وخلق طبقية مقززة في الشعب السوري غير مسبوقة وكان سلاحه ووسيلته وغايته هو الخوف حتى بات السوريون يعيشون في زنزانة صغيرة داخل سجن كبير. الثورة السورية في وجه نظام الطاغوت ليست فقط مبررة ولكن واجبة لأن ما بني على باطل فهو باطل ولا يوجد اليوم نظام نال الوكالة الحصرية للباطل على الأرض مثل النظام السوري.

افهموا أسباب ثورة السوريين على نظامهم ووقتها ستدركون واجب دعمهم.

[email protected]