المالكي بديلا للأسد في المنطقة!

TT

زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى روسيا، والإعلان عن صفقة الأسلحة الضخمة التي اشترتها بغداد من موسكو، تستدعي طرح كثير من التساؤلات، وتستحق التأمل، نظرا للخيارات الاستراتيجية، والتوقيت، ولعبة التوازنات في المنطقة، خصوصا مع ما يحدث في سوريا.

الواضح أن السيد نوري المالكي يحاول الجمع بين ما لا يجمع من حيث التحالف مع طهران، وواشنطن، وموسكو، في وقت واحد، وهذا ما لم ينجح فيه أحد في المنطقة، لأن الاستحقاقات حقيقية. ويكفي تذكر كيف فشلت نظرية وزير الخارجية التركي «تصفير المشاكل» حيث نجد أنقرة غارقة اليوم في مشاكل المنطقة. وليس بسبب السياسات التركية، بل لأن مشاكل هذه المنطقة تتبعك حتى لو قررت تجاهلها، وستغرقك لو قررت التعامل معها بشكل هش. ومن هنا تأتي خطورة تداعيات زيارة المالكي إلى موسكو، والإعلان عن الصفقة العسكرية الضخمة. فاكتمال بناء الجيش العراقي، مثلا، لن يتحقق بشراء الأسلحة الروسية، خصوصا أن هناك برامج أميركية قائمة على قدم وساق لبناء الجيش العراقي. والطبيعي سياسيا، في حالة عراق ما بعد صدام حسين، أن تكون عملية التكامل في تسليح القوات العراقية من خلال الأسلحة الأميركية، والأوروبية. وقد تكون هناك آليات روسية، ولكن ليس بما يزيد على الأربعة مليارات دولار، فالمفترض أن عراق اليوم ليس نظاما معزولا، والمعروف في منطقتنا أن أبرز زبائن الأسلحة من موسكو هم إما الأنظمة العربية المعزولة، أو التي تريد مناكفة أميركا وأوروبا بحثا عن مقابل سياسي.

وهذا يقودنا للآتي.. فإذا كان العراق يريد أن يكون عضوا عربيا فعالا، وداعما للديمقراطية، والاستقرار، فلماذا الصفقة الآن مع موسكو المعطلة لأي حل في سوريا عبر مجلس الأمن، خصوصا أن المالكي يقول إنه لا يدعم الأسد، ولا المعارضة؟ ولماذا الصفقة العسكرية الآن مع موسكو، والأفضل سياسيا للعراق أن تكون الصفقة مع أميركا، أو أوروبا، لا سيما مع الأوضاع المالية في الغرب، وقبلها الانتخابات الأميركية الرئاسية؟ كل ذلك يقول لنا إن السيد المالكي يريد أن يكون بديلا للنظام الأسدي، وها هو يطمئن موسكو على أن هناك من هو قابل بشراء أسلحتها الآن.

فما فعله العراق ببساطة هو أنه وفر للروس بديلا عن النظام الأسدي، ودون ثمن سياسي تجاه ما يحدث للعزل السوريين، وأظهر موسكو غير معزولة عربيا، وهذا يبين أن المالكي يريد أن يأخذ مكان الأسد في المنطقة، ولكن بنسخة معدلة، والحقيقة أنها مشوهة، وإلا كيف سيكون بمقدور المالكي الجمع بين كل من إيران وواشنطن وموسكو، وأن تكون له علاقات مميزة مع محيطه العربي؟

وعندما نقول إن المالكي يريد أن يكون بديل الأسد في المنطقة، فاللافت هو حجم التصريحات العراقية عن ضرورات الانفتاح العراقي على موسكو من أجل «مكافحة الإرهاب»، وهذا الأمر بحد ذاته يعد بمثابة تعليق الجرس، فروسيا تردد عبارة «مكافحة الإرهاب» منذ انطلقت الثورة السورية، حيث يحصر الروس «الإرهاب» بالسنة، والآن تتحدث حكومة المالكي عن تعاون مع الروس لـ«مكافحة الإرهاب». فهل تحتاج المسألة إلى كثير من الذكاء لنفهم أن المالكي يريد أن يكون بديل الأسد في المنطقة وحامي الأقليات، وخلافه من الشعارات؟

[email protected]