لا يا شيخ!

TT

العنوان أعلاه تعبير شعبي للاستنكار، استخدمه ذات مرة الزميل الدكتور مأمون فندي، في مقال له حول مواقف سابقة لرئيس الوزراء القطري، أجد نفسي مضطرا لاستعارته بعد مواقف أطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الإخوانية خالد مشعل في محاضرته الأخيرة بقطر!

يقول مشعل في مؤتمر «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي.. تجارب واتجاهات» إن حماس حاولت «الجمع بين المقاومة والسلطة، وهذا أمر صعب»، داعيا، لا فض فوه، إلى ضرورة أخذ الحالة الفلسطينية بسياقها الخاص، وعدم مقارنتها بحالات الإسلام السياسي في دول عربية أخرى، حيث يقول إن حماس حركة تحرر وطني، وليست حركة إسلام سياسي فحسب. ولذا فإن مشعل يرى أنه في ظل هذا الوضع «لم تعد هناك حالة يمكن أن تسمى تجربة حكم إسلاميين بغزة، لكننا بحماس نشير إلى أننا خضنا التجربة، ونتعلم منها، وقد أخطأنا في أشياء ونتعلم من ذلك»، مضيفا أن تجربة حماس بالحكم «لا تصلح لأن تكون نموذجا يدرس إلا من باب دراسة التجربة وأخذ العبرة»!

معنى كل ما سبق، وبلغة واضحة لا تلاعب فيها، ولا كذب، ولا لف ولا دوران، أن مشعل يريد أن يقول إنه ورفاقه في حماس فشلوا في غزة بعد أن قاموا بالانقلاب، وقوضوا كل فرص الدولة الفلسطينية الناشئة وقتها، وعملية السلام، وأن هذا الفشل يجب ألا يعزى لهم كونهم إسلاميين، وإنما هي تجربة يجب أن تدرس من باب أخذ العبر، وليس لمعرفة كيف أن الإسلاميين العرب فاشلون للآن!

وهنا لا يملك المرء إلا أن يقول لمشعل، وبالعامي المفهوم حتى بقطر التي هللت له ممانعا، ومقاوما، والآن كصاحب عبر ودروس ديمقراطية: لا يا شيخ! وبالطبع لن أعود لألف تصريح وتصريح لحماس، أو مشعل، عن إسلاميتهم «الحركية»، لكن سنسأل المتلون مشعل سؤالا بسيطا بمفرداته، مرعبا بمعانيه: ماذا عن قرابة ألف ومائتي قتيل في حرب غزة؟ ماذا عن إفساد مشروع الدولة؟ ماذا عن حنثك في اليمين التي ألقيتها في مكة حول المصالحة الفلسطينية؟ ماذا عن صلاتك، وأعوانك، بمحراب إيران؟ وماذا عن هدم كل ما بنته اتفاقات أوسلو التي تهاجمها بلا حياء، أو ضمير؟ وهل مطلوب الآن أن يقف الجميع ليصفق لمشعل لأنه قال إن حماس فشلت في غزة، وهذا أمر قلناه مرارا، والآن على من ساندوه أن يشعروا بالخجل، أم أن مشعل يريد التطهر الآن بالوقوف مع الثورة السورية مثل طابور من الإخوانيين بالسعودية، وغيرهم، الذين يرون في الثورة السورية فرصة للقول عفا الله عما سلف، ويركبون قطار الربيع العربي؟

ملخص القول إن فشل حماس هو فشل محسوب بكل تأكيد على فشل الإسلاميين سواء في غزة أو السودان، وحتى إيران، وكذلك طالبان، وبالطبع لا يمكن مقارنة حماس، وأمثالها، بإسلاميي تركيا أو ماليزيا، حيث لا وجه شبه، كما أن القواعد التي تحكم إسلاميي تركيا أو ماليزيا غير متوفرة لضبط حماس أو من هم على شاكلتها في منطقتنا!

ولذا، وبحالة مشعل، فإن المرء لا يملك إلا أن يقول: إذا لم تستح فاصنع ما شئت!

[email protected]