فاطمة ناعوت.. مندهشة!

TT

الكاتبة المصرية فاطمة ناعوت، مندهشة ومصدومة من أن كثيرا من الإخوان الجدد المناصرين للجماعة لا يعرفون تاريخ وأدبيات الجماعة!

هي ظهرت مع القيادية الإخوانية، عزة الجرف، في برنامج طوني خليفة، المعروف، ثم خرجت ناعوت من اللقاء وعلقت على حسابها في «تويتر»، حسب ما نقلت شبكة «محيط» على الإنترنت: «الصدمة التي صدمتها في برنامج طوني أنني اكتشفت أن الإخوان لم يقرأوا حسن البنا. أ. عزة الجرف لا تعرف آراء حسن البنا حول المرأة والزواج».

هذه ملاحظة صحيحة، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع ناعوت بخصوص حالة عزة الجرف، لأنني لم أشاهد الحلقة، ولم أقرأ للجرف لأعرف مدى معرفتها.. غير أنني أتحدث عن تجربة وجولات متعددة من النقاش، مع من يعلنون الانتماء إلى تيار «الصحوة» أو سمه الإسلام السياسي أو الإخوان، لا فرق في الجوهر، فكثير من الكوادر الإخوانية والنشطاء صاخبي الصوت مرتفعي الحماسة، ليس لهم من الدراية الحقيقية والدقيقة ما يكفي لكي يناقشوا ويعرفوا الأمر الذي يدعون الدفاع عنه.

أذكر في هذا الصدد أن كثيرا ممن سموا بـ«الدعاة الجدد»، خصوصا نجم الكويت وقمر مصر، كانوا يقعون في أخطاء في نطق الأسماء التي يذكرونها لجمهورهم المستهدف، من أسماء الصحابة والتابعين والسلف وعموم أهل الماضي المسلم. وسبب هذا أنهم لم يحذقوا النقل والمعرفة التراثية حسب القواعد المتبعة، وتناهبوا الحديث والثرثرة الفضائية أو على قاعة المسرح، لدغدغة المشاعر الدينية وإثارة الحنين العام إلى الماضي التليد والجميل والنقي وشبه الملائكي، ثم استثمار هذه الشحنة العاطفية في جيب التيار الإسلامي المسيس، على شكل انتخابات وأصوات.

كثير من الوعاظ الجدد جهلة بالتاريخ والفقه، ناهيك عن جهلهم بما هو أدق وأصعب مثل الفرق والنحل الإسلامية، أو وضع اليد على الدوافع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشخصية التي شكلت هذا المذهب الكلامي أو ذاك. فتحت غلالة الشعارات اللاهوتية والمذهبية التي حفل بها تاريخ الفرق والنحل في تراثنا، توجد محركات دنيوية. لكن وعاظنا الجدد في معزل عن هذا، سواء أكان هذا الواعظ صادقا في وعظه، لكنه قشري المعرفة، أم كان عارفا لكنه ينطوي على شره سياسي وجشع جماهيري، لا فرق فالنتيجة واحدة.

إن رفع الشعار الديني لا يعني أن رافعه يعي التاريخ الديني «كعلم» لا علاقة له بمن يريد احتكار الحديث باسمه، لذلك فليس مهما تطبيق الشرط المنهجي في التعرف على عمق الدين وتاريخه، لدى هؤلاء، بل المهم الحفاظ على الشعار الذي حلب جمهورا ويقطف عسل المصالح والسياسة.

لقد تحولت الشعارات الدينية والأحزاب الأصولية المسيسة إلى «مؤسسات» معقدة، التفت بها غصون المصالح، وضربت في عمقها جذور المطامع، أناس وأموال وسلطة، وبشر يتعلقون بشجرة الشعار، التي من كثرة ما صبغت بأصباغ المصالح بهت شكل ولون جذعها وغصونها الحقيقية.

القصة يا سيدة فاطمة، ليست قصة قراءة تاريخ البنا والإخوان، القصة بالنسبة لإخوان الحاضر هي في ما يجلبه شعار البنا من سلطة ونفوذ.

[email protected]