مصر قرنفلة والفينيقيون جدة على عسير

TT

كان لأشهر مؤرخي لبنان، الدكتور كمال الصليبي، «شطحات» في إعادة النظر في الأجزاء حتى تلك الأكثر أهمية مما عرفناه من التاريخ. وقد عثر يوما على شبه بين بعض الأسماء الواردة، وتلك الواردة في مؤلفات العلامة الشيخ حمد الجاسر، فقصد إلى وضع كتابه «التوراة جاءت من الجزيرة العربية» وفيه يقلب تاريخ كل شيء حتى القدس.

قبل وفاته بقليل تحدث إلى الكاتب صقر أبي فخر، فقلب نظريات وصحح أخرى وأبدى الجديد منها. وجميعها خليقة بالاطلاع على الأقل. ومن أبرز ما يقول إن الإرامية (بكسر الألف) التي كانت لغة عيسى، هي مجرد لهجة من اللهجات العربية، مثلها مثل كل ما نسميه لغة سامية.

توقفت عند شرحه لكلمة «استنبط» فقال إنها لغة النبط في البادية ومنها قيل «استنبط البدو». ومعناها في الأصل استنبط أي أخرج المياه «ويقال عن أهل البحرين أنهم عرب استنبطوا. وأهالي عُمان نبط استعربوا». وللمؤرخ تفسير طريف لجغرافية مصر: «انظر إلى خريطة مصر، تجد أن مصر تشبه المستطيل. هكذا رسمها الإنجليز والفرنسيون والدول الغربية بلا أي جهد. شقوها مثل قالب حلوى. لكن مصر ليست هكذا. مصر هي وادي النيل وفي آخره الدلتا. إنها مثل زهرة القرنفل. الدلتا هي القرنفلة ووادي النيل هو العِرق المتعرج. هذه هي مصر. تترك الدلتا وتتجاوز جنوبا فتصل إلى جهة أسوان ثم إلى الكرنك في وادي الملوك فتجد القبور الملكية. تقف هناك فتجد مصر كلها أمامك. النهر من هذه الناحية شديد الخضرة، وأخضر من الجهة الأخرى، ثم الصحراء المترامية».

تقول أيضا، «البادية ليست مجرد قفر وحولها حواضر.. لا، في الحواضر هناك أيضا صحار وبواد. وفي البوادي ثمة حواضر كذلك». ويرى أن الفينيقيين عرب جاءوا من سواحل البحر الأحمر. وكلمة «فاينيكا» تعني البلح. وطائر «الفينيق» هو «طائر البلح» الذي عندما يهرم يطير ويحرق نفسه ويعود إلى الحياة. باختصار «الفينيق» هو النخيل. إذن، أيها الفينيقيون، أنتم جئتم من نحو جدة وعسير وجيزان واليمن. وأن البحر طويلة رحلاته فقد كان غذاؤكم الكامل «التمر». وعلى ماذا كان يعيش خصومكم اليونانيون؟ على التين المجفف. من هنا صمودكم وضعفهم. وتذكروا هذا جيدا: الفينيق هو العنقاء. هو «طائر العرب».