سخونة جديدة في مصر!

TT

المحزن في مصر أنه كلما هدأت الأمور، أو لاح في الأفق أي بادرة تقدم أو استقرار عادت وزادت الأمور سخونة بين الفرقاء من أبناء الشعب الواحد أو صراع داخل مؤسسات البلاد. بالأمس حدث شجار مؤسف بين أنصار الرئيس مرسي الذين يريدون الاحتجاج على أحكام القضاء ببراءة المتهمين في موقعة الجمل وبين قوى ثورية جاءت أيضا للميدان لمحاسبة الرئيس على «عدم إنجازه» لوعوده في المائة يوم الأولى من حكمه.

وأول من أمس، اتخذ الرئيس مرسي قرارا بتعيين النائب العام الدكتور عبد المجيد محمود سفيرا لمصر لدى الفاتيكان، وبعدها بساعات أعلن محمود أنه «باق في منصبه».

ويذكر أن القانون الذي بمقتضاه يتم تعيين النائب العام خاص بالهيئات القضائية، وأن عزل أو تعديل صفة النائب العام أو مهنته ليس من اختصاص أي سلطة تنفيذية كائنا من كانت.

إذن نحن على مستوى الشارع السياسي المصري نعاني من عودة الخلاف بين التيارات، وعلى مستوى السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) نعاني من صراع إرادات بينها.

قبيل وصول الدكتور مرسي للحكم احتدم الخلاف بين البرلمان وسلطة المجلس العسكري. واليوم هناك خلاف بين البرلمان والسلطة القضائية. وهناك أيضا خلاف بين رئيس الجمهورية والنائب العام.

وكنت قد تفاءلت مؤخرا ببدء أي نوع من أنواع الهدوء النسبي والاستقرار في الآونة الأخيرة، إلا أن ما حدث خلال الـ72 ساعة الأخيرة يعيد إلى الأذهان حالة الشعور بالقلق من «فوران تيارات وسلطات» ضد بعضها البعض. إن مصر في حاجة إلى حالة من الهدوء النسبي والاستقرار المستدام لفترة لا تقل عن 3 أعوام متصلة حتى يتم انتقالها من تصنيف الدول «ذات المخاطر العالية في الاستثمار».

مصر بحاجة إلى نفوس هادئة، وشوارع هادئة، من أجل جذب السياح الذين يعبرون عن مصدر دخل رئيسي للبلاد.

مصر بحاجة إلى حالة حوار عاقل وليس لحالة هستيريا سياسية تكاد تقصف بعقل الأمة وتاريخها الوسطي المعتدل. إن حالة «التربص السياسي» التي تواجه القوى السياسية والمؤسسات الرئيسية في البلاد لبعضها البعض قد تؤدي إلى اصطدام عظيم يؤدي إلى انفجار هائل يدمر كل أحلام ثورة يناير. وأرجو ألا يقول أي من الكتاب أو القراء إن هذه الأمور طبيعية في مرحلة ما بعد الثورات! فالثورة تعطي الأمل وليس الإحباط، والثورة توحد ولا تفرق، والثورة بعدما تكون قد أسقطت النظام عليها أن تهدأ وتفرغ لبناء النظام الجديد. مرة أخرى أنتقل من حالة التفاؤل إلى القلق.