الأردن النفطي!

TT

هل يمكن تصور الأردن كمنتج للبترول؟ نعم الجملة قد تبدو غريبة جدا، وحتى من الممكن اعتبارها استفزازية لدولة تعتمد على استيراد هذه السلعة الحيوية بأسعار تفاضلية أحيانا وبأسعار صعبة أحيانا أخرى.

ولكن الأردن تم التثبت والتحقق من أن لديه رابع مخزون استراتيجي من النفط الصخري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين والبرازيل. ولبلد مثل الأردن الذي تشكل فاتورة استيراد سلعة النفط فيه أكثر من 20% من إجمالي الناتج القومي، يعتبر هذا الخبر عظيما ومن النوع الذي «يغير قواعد اللعبة الاقتصادية تماما»!

والمهم في هذا الاكتشاف الكبير أن أكثر من 60% من مساحة الأردن الجغرافية ثبت فيها احتياطيات النفط الصخري، وتقدر كميته الموجودة بما بين 40 و70 بليون طن من النفط، وترجمة هذا الكلام بلغة سوق النفط وبورصته العالمية أن الأردن بهذه الموجودات قادر على إنتاج أكثر من مائة ألف برميل من النفط بشكل يومي.

ولا تزال اقتصادات الأردن تعتمد على هبات ومعونات من دول الخليج وأسعار تنافسية من الغاز المغربي، ولكن كل هذا لا يزال يشكل عبئا كبيرا على اقتصاد ناشئ أهلكته الديون وأتعبه التضخم ويحتاج إلى بعض الأنباء الجيدة.

لا يزال العجز في الميزانية هاجسا مقلقا يؤرق الحكومة الأردنية، ومستوى النمو الاقتصادي الهزيل لا يرقى إلى الطموح المنشود، فهو بالكاد سيتخطى 2.8% بارتفاع طفيف عن 2.5% التي تحققت في عام 2011.

وسيرتفع معدل التضخم ليصل إلى 4.9% من المعدل السابق الذي كان 4.5%، وسياسة دعم أسعار المحروقات أنهكت الحكومة وأتعبتها؛ فهي تتحمل 40 مليون دينار أردني سنويا لكل دولار زيادة في سعر برميل النفط الذي يتخطى المائة دولار.

ولكل تلك الأسباب، فتح الأردن مجال التنقيب عن النفط الصخري في البلاد وقام بمنح الترخيص لشركات مؤهلة، ولعل من أهم الشركات التي حصلت على الرخصة لذلك هي شركة «إنيفيت» من إستونيا، والمشروع واسع وتقدر تكلفته ببليون ونصف البليون دولار، وستوفر المشاريع الجديدة للطاقة في الأردن بعد استكمالها والبدء في إنتاجها ما يقارب البليون دولار سنويا، علما بأن الأردن مقدم على مشاريع استثمارية هائلة في مجال الطاقة البديلة تبلغ قيمة أحدها في وسط الأردن مبلغا قدره 32 بليون دولار، وسيوفر هذا المشروع وحده ما يزيد على 25% من احتياج الطاقة بالأردن، والمشروع هذا الذي تم الاتفاق مع شركة كندية على القيام به وهي شركة «غلوبال أويل شيل هولندنغز» ينتج فوق الـ50 ألف برميل يوميا من النفط الصخري.

وهناك مشاريع أخرى أصغر حجما منتشرة في مناطق أخرى بالأردن ستوفر وظائف وتساهم في التقليل من الاعتماد على الطاقة المستوردة والمكلفة والمرهقة اقتصاديا جدا للاقتصاد الأردني.

الأردن كان يعتمد على قطاعات التعليم والطب والخدمات وقليل من الصناعات؛ بل إنه دخل بقوة كبيرة جدا إلى عالم التقنية الحديثة والإنترنت حتى باتت تشكل وحدها ما يزيد على الـ14% من حجم الاقتصاد الوطني ككل، وهذا رقم محترم جدا نظرا لتبني الدولة سياسات استثمارية تشجيعية ساهمت في جلب استثمارات هائلة في هذا المجال. ويبدو أن الأردن اليوم مقدم على خطوة اقتصادية أقل ما يقال عنها إنها مذهلة ومفاجأة لو تم لها النجاح كما ينبغي.

[email protected]