التطبيع مع نظام بشار الأسد!

TT

قام الاتحاد الكويتي لكرة القدم بدعوة المنتخب السوري لكرة القدم مؤخرا للعب مباراة ودية بالكويت، وحصلت حالة هائلة من الهرج والمرج والذهول والاعتراض الشديد جدا على هذه الخطوة الاستفزازية لمشاعر جل الشعب الكويتي المؤيد للثورة السورية والشعب السوري، وذلك لأنهم اعتبروا هذه الزيارة دعما لتبييض صورة نظام بشار الأسد الذي يحاول أن يظهر أن كل شيء في بلاده طبيعي، وأنه لا ثورة ولا مطالبات شعبية بتغيير النظام.

والرياضة ومنتخب كرة القدم إحدى وسائل النظام التي يستغلها لإظهار ذلك الأمر. واليوم العالم العربي المؤيد بأغلبيته الكاسحة للشعب السوري وثورته، والذي يبغض في الوقت نفسه نظام بشار الأسد الدموي، ينظر لبشار الأسد على أنه مغتصب ومجرم وقاتل، ويرفض مبدأ منحه ونظامه أي نوع من أنواع الشرعية أو الإقرار والاعتراف بحكمه، ولذلك كل «محاولة» للنظام السوري لكي يخترق هذا الشعور الكاسح لدى الجماهير العربية الغاضبة عليه هي بمثابة «تطبيع».. نعم هكذا يجب أن يُنظر للأمور، وبهذه الحدية والجدية في الطرح. النظام الأسدي لا يزال يحاول عبر الإعلام والرياضة والاقتصاد تحديدا أن يطل برأسه ويثبت وجوده ويواصل «اختراقه» ويروج عبر أبواقه المختلفة أن العرب كارهون لسوريا والمقاومة حينما يأخذون بمواقف صارمة ضد النظام السوري، وهناك فرق شاسع بين سوريا كدولة عريقة ذات مجد وتاريخ يتخطى الأفراد والمجاميع، وبين نظام أو فلنقل عصابة أتت وجثمت على صدور الشعب السوري وابتزت الثروات ودمرت كرامات الناس واعتدت على الأعراف والأملاك.

التطبيع مع نظام بشار الأسد هو مسألة خطيرة وحيوية، فهو يساعد بشكل مباشر في دعم النظام وزيادة رقعة ومساحة الظلم والجبروت، وبالتالي القتل والتنكيل والتدمير. مقاطعة نظام بشار الأسد يجب أن تأخذ أبعادا أكثر جدية وأكثر تأثيرا حتى يتم «سد» كل منافذ الماء والهواء السياسي، حيث بات النظام الأسدي متمرسا وخبيرا في اختراق أعتى حواجز العزل والعقوبات بعد خبرة طويلة لديه ولدى داعمه الأول والأهم النظام الإيراني.

النظام السوري ممثلا ببشار الأسد هو الوجه القبيح للسياسة العربية، هو رمز لكل ما يجب ألا تكون عليه الأنظمة السياسية العربية، من قمع واستبداد وفساد وخداع وكذب وبطش وجبروت. إنه رمز بشع لما يجب الخلاص منه.. إنه رمز لما جلبته لنا أنظمة العسكري المتآمرة مع الأعداء لسحق الشعوب وإدخالها في غياهب الجهل والفقر واليأس.

سوريا التي تحولت في عهدي الأسد، أبا وابنا، إلى جمهورية الخوف وظلمات الجهل لا يمكن أن تكون هي ذاتها في عهد الابن التي تتحدث عن الإصلاح والتطوير والأمل، فالذي أحدث كل هذا الضرر وتسبب فيه لا يمكن أن يكون هو مفتاح الحل والخروج من الأزمة. مواجهة بطش النظام السوري في حق شعبه والفتنة التي يثيرها على الصعيد الإقليمي بشكل خطير وفج باتت مطلبا أخلاقيا وإنسانيا يستدعي حراكا على كل الأصعدة لسد كل الثغرات التي يتنفس من خلالها نظام الأسد وأزلامه، لأن أي اختراق لذلك هو بمثابة «تطبيع» مع هذا النظام المجرم واعتراف بشرعيته، وهي مسألة تم حسمها تماما بدماء الضحايا من الشعب السوري.

مع الاستمرار في مشاهد القتل والدمار والتنكيل بحق سوريا وشعبها يبدو مطلب مقاطعة النظام الأسدي مسألة أخلاقية ومبدئية لا تقبل النقاش. ويبقى الأمل في أن يتم تصعيد هذا المطلب بشكل أكثر فعالية بطرد سوريا كنظام من كل المنظمات والمؤسسات بلا استثناء، فما دام يمثلها هذا النظام المجرم فلا مكان لها بين الأمم.

[email protected]