هل يكرر مرشد «الإخوان» خطأ عبد الناصر في حرب 67؟

TT

رغم إعلان المسؤولين المصريين في مناسبات عديدة احترامهم لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فقد دعا محمد بديع - المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين - إلى محاربة إسرائيل والجهاد في سبيل الله لاسترداد مدينة القدس والمسجد الأقصى من يدها. وفي رسالته الأسبوعية يوم الخميس 11 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، طالب بديع «الأمة الإسلامية بأن تجتمع على قلب واحد من أجل القدس وفلسطين»، مؤكدا أن «الله سيخلص الأرض من رجس الصهاينة وفسادهم». وفسر محمود غزلان المتحدث باسم «الإخوان» كلام بديع قائلا «مصر وإسرائيل تجمعهما معاهدة سلام نلتزم بها.. وإذا لم يكن هناك مجال لهذا المنهج السلمي، فلا سبيل لنا سوى القوة» («الشرق الأوسط» 12-10-2012). وأكد مرشد الإخوان أن الجهاد فرض على جميع المسلمين لاسترداد القدس، سواء العرب منهم أو غير العرب، وقال بديع: «ليعلم المسلمون وليستيقن المؤمنون أن استرداد المقدسات وصون الأعراض والدماء من أيدي اليهود لن يتم عبر أروقة الأمم المتحدة، ولا عبر المفاوضات، فالصهاينة لا يعرفون غير أسلوب القوة، ولا يرجعون عن غيهم، إلا إذا أخذوا على أيديهم، ولن يكون ذلك إلا بجهاد مقدس، وتضحيات غالية وكل صور المقاومة».. فهل حقا تنوي جماعة الإخوان إعلان الحرب على إسرائيل (مثلما أعلن عبد الناصر عام 1967) لاسترداد القدس، أم أن هذه الدعوة تأتي استجابة لمطالبة إيران بعرقلة خطة مهاجمة مفاعلاتها النووية؟

كانت طهران هددت بأن أي هجوم على إيران بسبب مشروعها النووي، لن ينتهي إلا بتحرير القدس، وأعلن محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري، أن قواته ترصد التهديدات المحدقة بإيران ولديها قدرات هجومية تصل إلى مستوى الردع الاستراتيجي. وقال الرئيس محمود أحمدي نجاد قبل الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن إسرائيل سوف «تزول»، كما أكد آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى - في خطبة الجمعة 12 أكتوبر - أن القوات الإيرانية أصبحت مستعدة للتصدي لأي اعتداء يشنه الغرب على المفاعلات.

استجاب حسن نصر الله - الأمين العام لحزب الله اللبناني - لدعوة إيران داعيا للمقاومة من أجل تحرير القدس، وجعلها عاصمة للمسلمين. وقال نصر الله في ملتقى بضاحية بيروت الجنوبية «لا مجال سوى خيار المقاومة والكفاح المسلح». وأكد حسن نصر الله أنه أرسل طائرة استطلاعية من دون طيار - إيرانية الصنع - وصلت إلى مفاعل «ديمونة» الإسرائيلي في صحراء النقب، من دون أن تتمكن الدفاعات الإسرائيلية من الكشف عنها، مهددا باستمرار عمليات المقاومة ضد العدو الإسرائيلي. كما استجاب إسماعيل هنية رئيس وزراء حماس في غزة لدعوة تحرير القدس، قائلا «القدس لنا عاصمة».. فهل تنوي إيران حقا إعلان الحرب على إسرائيل لتحرير القدس، أم أنها تريد أن يعلن العرب حربا مدمرة دفاعا عن مفاعلاتها النووية؟

وهذا يذكرنا بما فعله صدام حسين من قبل، عندما أعلن عن تشكيل فيلق لتحرير القدس مكون من خمسة ملايين مقاتل، ثم فاجأ العالم باحتلال الكويت والتهديد باحتلال باقي مناطق البترول في دول الخليج.. ففي 21 سبتمبر من هذا العام، كشف مصدر في الحرس الثوري الإيراني لموقع «العربية نت» أن «المرشد الإيراني الأعلى - علي خامنئي - أمر الحرس الثوري وجميع الوحدات التابعة له، وخاصة فيلق القدس، بوقف جميع نشاطاته في أنحاء العالم.. والتركيز على دول الجوار في المنطقة». وأرجع المصدر الإيراني سبب هذا القرار إلى سببين؛ «أولهما تخوف خامنئي من حدوث ضربة عسكرية محتملة من إسرائيل لإيران، والثاني يكمن في تأثير العقوبات الدولية على الميزانية المالية المخصصة لتمويل نشاطات الحرس الثوري وفيلق القدس».

ورغم دعوة مرشد الإخوان لشن حرب على إسرائيل، فليس هناك نية لدخول الجيش المصري في عملية قتالية مع إسرائيل الآن، لكن الخطة الإخوانية - الإيرانية تقضي بتمكين مصر للجماعات الإسلامية الجهادية، من ضرب إسرائيل بالصواريخ عن طريق شبه جزيرة سيناء. وبالفعل يختبئ عدد كبير من العناصر الجهادية في جنوب سيناء، من بينها جماعة أنصار بيت المقدس، وهي بمثابة الخلايا النائمة في انتظار الأوامر لتنفيذ عملياتها المسلحة ضد إسرائيل. ولهذا الغرض عرضت إيران على الوفد الاقتصادي المصري الذي زار طهران مؤخرا، تقديم العون العسكري لمصر. وفي اجتماع حضره 12 مسؤولا عسكريا إيرانيا، عرض نائب وزير الدفاع الإيراني نقل التجارب العسكرية لبلاده للمصريين، مؤكدا استطاعة إيران شق إسرائيل نصفين في حالة نشوب الحرب معها.

وعلما منه أن الشعوب العربية التي تواجه خطر دعاة الإمبراطورية الإسلامية الفارسية، لن تستجيب لدعوة تحرير القدس الآن، فقد وجه مرشد الإخوان دعوته إلى الدول الإسلامية. إلا أننا إذا نظرنا للدول الإسلامية - غير العربية - التي تؤيد دعوته، فلن نجدها في إندونيسيا أو باكستان أو تركيا، وإنما في إيران - وإيران وحدها. فهل يضحي مرشد الإخوان بسيناء المصرية لحماية مفاعلات إيران النووية التي تهدد دول الخليج العربية؟!