تقنية عالية.. ومنخفضة!

TT

تقلب غريب في عوالم شركات التقنية الحديثة، فمع صدور النتائج المالية والإحصاءات السوقية للكثير منها يتبين أن القطاع يدخل في منطقة حرجة جدا، وعلى ما يبدو فإن ذلك سيؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل أقل ما يمكن أن يوصف به بأنه سلبي للغاية.

فشركة «مايكروسوفت»، عملاق البرمجيات الأشهر، أعلنت عن انخفاض حاد جدا في أرقام مبيعاتها تجاوز نسبة الـ22%. وقطاع الحاسب الآلي، بصورة عامة، كان قد شهد انخفاضا حادا جدا هو أيضا تجاوز الـ8%، وهو الانخفاض الأخطر له منذ أكثر من عشر سنوات.

ولم يسلم من هذا الحال المربك عملاق الإنترنت شركة «غوغل»، التي شهدت هي أيضا تدهورا حادا في نتائجها أدى إلى هبوط تجاوز الـ9%، وكل ذلك يأتي وسط ركود حاد في قيمة سهم أسطورة الإعلام الاجتماعي موقع «فيس بوك» الشهير الذي لا يزال دون القيمة التي تم الاكتتاب بها أوليا.

هناك تحول واضح في سوق التقنية العالية، وهناك حراك تصحيحي للعرض والطلب، فالعملاء يحولون نمطهم الاستهلاكي بشكل مختلف، فيبدو من الواضح أن عصر الكومبيوتر المحمول إلى زوال أو إلى انحسار لصالح أجهزة الهاتف الجوال والألواح الذكية التي تشهد نموا استثنائيا وتطورا تقنيا في المنتج، يغري الشريحة المستهدفة من العملاء عموما.

التطور التقني الحاصل في البرمجيات، وخصوصا مسألة السحب البرمجية التي أقدمت عليها أولا شركة «أبل» العملاقة، سهل نقل المعلومات بشكل عملي وافتراضي من دون الحاجة للاستثمار الكبير في الأجهزة والمعدات التقنية، وكذلك التطور الحاصل واللافت في مجال النشر الإلكتروني الذي يواصل نموه الهائل ويقضي بالتدريج على الكتاب الورقي والمجلة الورقية وطبعا على الصحيفة، وكل ذلك تدعمه الأرقام والإحصاءات.

ولعل آخر الضحايا كانت مجلة «نيوزويك»، التي أعلنت، بشكل مباشر وواضح، أن شهر ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام سيكون آخر إصداراتها من النسخة الورقية، وأن المستقبل سيكون مرتبطا بإصدارها الرقمي فقط، وهذا الخبر من المتوقع أن يكون له أثر على مجلات ومطبوعات أخرى، من المتوقع أن تحذو حذو مجلة «نيوزويك» العريقة.

هناك تطورات كبيرة أخرى في الطريق ستزيد من قدرة الأجهزة المحمولة على التعامل الأفضل مع التقنية كتطوير في سهولة الاستخدام لجذب شرائح جديدة من عملاء مستهدفين لا يزالون يتحاشون استخدام التقنية لاعتقادهم أن تقنيتها لا تزال معقدة جدا، وهذا بحد ذاته سيدخل أعدادا هائلة لسوق تنمو بسرعة البرق، وكذلك ستتحسن وسائل السداد عبر الأجهزة لتقليل تعقيد الوسائط، وهذا بحد ذاته سيكون أداة لتوسعة السوق الإلكترونية والتجارة الإلكترونية عموما.

هناك اعتقاد كبير أن شركات التقنية الحديثة تمر بمرحلة غربلة جديدة وكبيرة ليكون البقاء فيها، ليس بالضرورة للأفضل ولا للأقوى، ولكن للأكثر تميزا وابتكارا، والفصل في ذلك الأمر هو تلبية احتياج العملاء أو إقناع العملاء باحتياج جديد!

العمر الافتراضي للشركات في عالم التقنية لم يعد يقاس بعشرات السنين ولكن بعشرات الشهور، إنها سرعة الضوء الافتراضية التي تقام فيها الشركات بنجاح في ومض البصر، وتسقط في غياهب الفشل والنسيان بذات السرعة أيضا.

[email protected]