في الركام أو في الخيام

TT

اليوم يوم معايدة الأصدقاء في كل مكان. عادة يتوقعون هذا الواجب، ويعتبون ضمنا، على التقصير. لكن بأي لهجة سوف نرسل التمنيات هذا العام؟ مذ أفقت وفي كل عيد تكتب المقالات تحت عنوان المتنبي الأليم: عيد بأية حال عدت يا عيد؟ يتجدد العيد على الناس في الحزن واليأس والفزع، كما تجدد على أبي الطيب.

كان وجعه فرديا وجدانيا، والآن هو وجع الأمة من أقصاها إلى أدناها. الرعب والرهاب. الخوف يسبق الأبرياء والأطفال والأوادم. صاحب القنبلة يتمشى «متمخطرا» والأطفال في الخيام يضرعون أن يتأخر الشتاء بدل أن يصلوا للمطر. أرسلت بطاقة المعايدة إلى وسام الحسن بالبريد المعهود. وعادت بيروت تنام وعيونها مفتوحة، كما تعودت، كلما اشتد الصراع عند الآخرين. أو فيما بينهم.

جاء الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق من دون شروط أو بنود أو مطالب: فقط التماس بهدنة يخف فيها العويل، ويقل الموت، ويتمكن الأطفال من النوم دون أزيز الميغ وصوت لافروف. من يعرف الأخضر الإبراهيمي يعرف أنه اعتاد أن «يبلغ» لا «يناشد». وتعود أن يعطي المهل لا أن يطلبها. لكن يبدو أن الرجل يشاهد النشرة الإخبارية ولم يعد يريد شيئا سوى رد القتل عن الأطفال.

«أم لأمر فيك تجديد؟».. لا أذكر عيدا في مثل هذا الألم. الأضحية هي الأمة، والضحايا هي الأوطان والشعوب والآمال والمهج والمستقبل والأحلام الصغيرة بليلة هادئة. هل هذا هو «أخي العربي الأبي» الذي لا يجد ماء يشربه في «خرائب سوريا» أم النازح السوري الذي لا يجد ماء يغتسل به في مخيمات الأردن؟

لكن العيد يبقى عيدا برغم ما يتشح به من ألوان وفئات الدم. يبقى هناك الأمل بأن الركام سوف يزهر مدنا حرة، والخيام سوف تزهر رجالا مرفوعي الرؤوس. ولن نبقى أمة العويل والأرامل والأمهات الثواكل. أمة مصيرها فيها، لا في خطب سيرغي لافروف. لا يسخر أحد من موت أطفالها ولا يتجاهل أحد أنها تمضي أعيادها في الركام أو في الخيام.

في كل حال، وبرغم الحال التي يعود فيها هذا العيد، كل عام وأنتم على عتبة عام أفضل.